لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا}.
وأخرج أبو نعيم في "الدلائل" من طريق السدي الصغير، عن الكلبي، عن ابن عباس قال: راعنا بلسان - اليهود: السَّبُّ القبيح، فلمَّا سمعوا أصحابه يقولون، أعلنوا بها له، فكانوا يقولون ذلك، ويضحكون فيما بينهم، فنزلت هذه الآية، فسمعها منهم سعد بن معاذ، فقال لليهود: يا أعداء الله! لئن سمعتها من رجل منكم بعد هذا المجلس لأضربنَّ عنقه. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال: كان الرجل يقول: أرعني سمعك، فنزلت الآية.
وأخرج عن عطية قال: كان أناسٌ من اليهود يقولون: أرعنا سمعك، حتى قالها أناسٌ من المسلمين، فكره الله لهم ذلك، فنزلت الآية. وأخرج عن قتادة قال: كانوا يقولون: راعنا سمعك؛ فكان اليهود يأتون، فيقولون مثل ذلك، فنزلت الآية. وأخرج عن عطاء قال: كانت لغة الأنصار في الجاهليّة، فنزلت. وأخرج عن أبي العالية قال: إنّ العرب كانوا إذا حدَّث بعضهم يقول أحدهم لصاحبه: أرعني سمعك، فنهوا عن ذلك.
التفسير وأوجه القراءة
٩٣ - ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾؛ أي: العهد منكم؛ أي: واذكروا يا بني إسرائيل! قصّة حين أخذنا العهد المؤكَّد باليمين منكم، على العمل بما في التوراة ﴿وَرَفَعْنَا﴾ أي: قلعنا وحبسنا ﴿فَوْقَكُمُ﴾؛ أي: فوق رؤوسكم ﴿الطُّورَ﴾ أي: جبله ليسقط عليكم حين أبيتم، وامتنعتم من قبول التوراة قائلين لكم: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ﴾؛ أي: اعملوا بما أعطيناكم من الكتاب ﴿بِقُوَّةٍ﴾؛ أي: بجدٍّ واجتهادٍ ﴿وَاسْمَعُوا﴾ ما أمرتم به في الكتاب سماع قبول وطاعةٍ ﴿قَالُوا﴾ كلام مستأنف واقع في جواب سؤال مقدر، كأنّه قيل: فماذا قالوا؟ فقيل: قالوا: ﴿سَمِعْنَا﴾ قولك بآذاننا، ولكن لا سماع طاعةٍ وقبولٍ ﴿وَعَصَيْنَا﴾ وخالفنا أمرك بقلوبنا، ولولا مخافة الجبل ما قبلنا في الظاهر، فإذا كان حال أسلافهم هكذا فكيف يتصوَّر من أخلافهم الإيمان؟ وقيل: إنّهم يقولون ذلك بألسنتهم، ولكن لَمَّا سمعوه وتلقَّوه، تلقوه بالعصيان، فنسب ذلك إليهم. وقيل كأنَّهم يقولون: لولا