أنفقتم، أو وثوابًا عليه في الآخرة. فالمغفرة: إشارة إلى منافع الآخرة، والفضل: إشارة إلى منافع الدنيا، وما يحصل من الرزق والخلف. ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ﴾ بالمغفرة للذنوب، وبإغنائكم وإخلاف ما تنفقونه ﴿عَلِيمٌ﴾ بنياتكم وصدقاتكم، لا تخفى عليه خافية.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان، يقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا". متفق عليه. وعن أبي هريرة أيضًا رضي الله عنه قال: قال الله تعالى: "أنفق ينفق عليك". وفي رواية: "يد الله ملأى، لا تغيضها نفقة سحَّاء الليل والنهار"، وقال: "أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم يغض ما في يده - وفي رواية: فإنه لم يغض ما في يمينه - وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع. وفي رواية: وبيده الأخرى الفيض والقبض، يرفع ويخفض" متفق عليه.
وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أنفقي، ولا تحصي فيحصى عليك، ولا توعي فيوعى عليك" متفق عليه.
قوله: "ولا توعي" أي: لا تشحي فيشح الله عليك؛ أي: فيجازيك بالتَّقْتِير في رزقك، ولا يخلف عليك، ولا يبارك لك. والمعنى: لا تجمعي وتمنعي، بل أنفقي ولا تعتدي ولا تشحي.
٢٦٩ - ﴿يُؤْتِي﴾؛ أي: يعطي الله سبحانه وتعالى ﴿الْحِكْمَةَ﴾؛ أي: العلم النافع المؤدي إلى العمل الصالح ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ ويريد إيتاءَه من عباده. واختلفوا في تفسير الحكمة على أقوال كثيرة جدًّا، فقال السّدّيّ: هي النبوة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الفهم بالقرآن ناسخِه ومنسوخه، مُحكمهِ ومتشابهه، عامِّه وخاصِّه، إلى غير ذلك. وقال مجاهد: الإصابة في القول. وقال مالك: الحكمة: المعرفة بدين الله، والفقه فيه، والإتباع له، إلى غير ذلك من الأقوال المتلاطمة. وقراءة الجمهور بالياء في الفِعْلين. وقرأ الربيع بن خيثم بالتاء في ﴿يُؤْتِي﴾، وفي ﴿يَشَاءُ﴾


الصفحة التالية
Icon