سورة ق الآية (١ ٣) ما في ضمائرِكم وقُرىءَ بالياء عنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم مَنْ قرأَ سورةَ الحجراتِ أعطيَ من الأجرِ بعددِ مَن أطاعَ الله وعصاه
ق ٣ {

بسم الله الرحمن الرحيم


﴿ق والقرآن المجيد﴾ أيْ ذي المجدِ والشرفِ عَلى سائرِ الكتبِ أوْ لأنَّه كلامُ المجيدِ أوْ لأنَّ منْ علَم معانَيهُ وعمِلَ بما فيهِ مَجُدَ عندَ الله تَعَالَى وعندَ الناسِ والكلامُ فيهِ كالذَّي فُصِّلَ في مطلعِ سورة ص قوله تعالَى
﴿بَلْ عَجِبُواْ أَن جَاءهُمْ مُّنذِرٌ مّنْهُمْ﴾ أيْ لأَنْ جاءَهُم منذرٌ منْ جنسِهم لا من حنس المَلَكِ أوْ مِنْ جِلدتِهم إضرابٌ عَمَّا يُنْبىءُ عنْهُ جوابُ القسمِ المحذوفِ كأنَّه قيلَ والقرآنِ المجيدِ أنزلناهُ إليكَ لتنذرَ بهِ الناسَ حسَبما وردَ في صدرِ سورةِ الأعرافِ كأنُه قيلَ بعدَ ذلكَ لم يؤمنُوا بهِ بلْ جعلُوا كلاً منَ المنذِر والمنذَرِ بهِ عُرضةً للنكيرِ والتعجيبِ معَ كونِهما أوفقَ شيءٍ لقضيةِ العقولِ وأَقرَبهُ إلى التلقِي بالقبولِ وقيلَ التقديرُ والقرآنِ المجيدِ إنكَ لمنذرٌ ثمَّ قيلَ بعدَهُ إنَّهم شكُّوا فيهِ ثمَّ أُضربَ عنْهُ وقيلَ بلْ عجبُوا أيْ لم يكتفُوا بالشكِّ والردِّ بلْ جزمُوا بالخلافِ حتَّى جعلُوا ذلكَ منَ الأمورِ العجيبةِ وقيلَ هُوَ إضرابٌ عَمَّا يُفهم منْ وصفِ القرآنِ بالمجيدِ كأنَّه قيلَ ليسَ سببُ امتناعِهم من الإيمانِ بالقرآنِ أنَّه لا مجدَ لهُ ولكنْ لجهلِهم ﴿فَقَالَ الكافرون هذا شَىْء عجيب﴾ تفسير لتعجيبهم وبيانٌ لكونِه مقارناً لغايةِ الإنكارِ مع زيادةِ تفصيلٍ لمحلِّ التعجبِّ وهذا إشارةٌ إلى كونِه عليهِ الصلاةُ والسلامُ منذِراً بالقرآنِ وإضمارُهم أولا للإشعار بتعينهم بما أسندَ إليهمِ وإظهارِهم ثانيا للتسجيل علهيم بالكفرِ بموجبِه أوْ عطفٌ لتعجبهم من البعثةِ على إِنَّ هَذَا إشارةٌ إلى مُبْهمٌ يفسِّره ما بعدَهُ من الجملةِ الإنكاريةِ ووضعُ المظهرِ موضعَ المضمرِ إما لسبقِ اتصافِهم بَما يوجبُ كفرَهُم وإمَّا للإيذانِ بأنَّ تعجُّبُهم منَ البعثِ لدلالتِه على استقصارِهم لقدرةِ الله سبحانَهُ عنْهُ معَ معاينتِهم لقدرتِه تعالَى على مَا هُو أشقُّ منْهُ في قياسِ العقلِ من مصنوعاتِه البديعةِ أشنعُ من الأولِ وأعرقُ في كونه كفرا
﴿أئذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً﴾ تقريرٌ للتعجيب وتأكيدٌ للإنكارِ


الصفحة التالية
Icon