وهذه الجملة: خبرية لفظًا، إنشائيةً معنًى قصد بها الأمر؛ أي: اقتدوا به اقتداءً حسنًا، وهو أن تنصروا دين الله، كما نصر هو بنفسه بالخروج إلى الغزو.
و (اللام) في قوله: ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ﴾: ويأمل ثوابه ﴿و﴾ يرجو ﴿الْيَوْمَ الْآخِرَ﴾؛ أي: نعيمه، أو يخاف الله واليوم الآخر، فالرجاء يحتمل الأمل والخوف متعلقه بحسنة، أو بمحذوف، هو صفة لحسنة؛ أي: كائنة لمن كان يرجو الله، وقال الزمخشري: إنه بدل من ﴿لَكُمْ﴾، كقوله: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ﴾. انتهى. ولا يجوز (١) على مذهب جمهور البصريين أن يبدل من ضمير المتكلم، ولا من ضمير المخاطب اسم ظاهر في بدل الشيء، وأجاز ذلك الكوفيون والأخفش، ويدل عليه قول الشاعر:
بِكَمْ قُرَيْشٍ كَفَيْنَا كُلَّ مُعْضِلَةٍ | وَأَمَّ نَهْجَ الْهُدَى مَنْ كَانَ ضَلِيْلًا |
وقوله: ﴿وَذَكَرَ اللَّهَ﴾ سبحانه بلسانه، وجنانه ذكرًا ﴿كَثِيرًا﴾ في جميع أوقاته وأحواله معطوف على ﴿كان﴾؛ أي: ولمن ذكر الله سبحانه في جميع أحواله، ذكرًا كثيرًا، وجمع (٢) بين الرجاء لله، وكثرة الذكر له، المؤدية إلى ملازمة الطاعة؛ لأن بهما يتحقق الائتساء برسول الله - ﷺ -.
قال الحكيم الترمذي: الأسوة في الرسول: الاقتداء به، والاتباع لسنته، وترك مخالفته في قول وفعل.
٢٢ - ثم بين سبحانه ما وقع من المؤمنين المخلصين عند رؤيتهم للأحزاب، ومشاهدتهم لتلك الجيوش، التي أحاطت بهم كالبحر المحيط، فقال: {وَلَمَّا رَأَى
(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٢) روح البيان.