سورة الفتح
قال القرطبي: سورة الفتح مدنية بالإجماع (١)، ونزلت ليلًا بين مكة والمدينة في شأن الحديبية، وقد أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت سورة الفتح بالمدينة، وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله، وأخرج ابن إسحاق والحاكم وصححه، والبيهقي في "الدلائل" عن المسور بن مخرمة ومروان، قالا: نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية، من أولها إلى آخرها، وهذا لا ينافي الإجماع على كونها مدنية؛ لأنّ المراد بالسور المدنية: النازلة بعد الهجرة من مكة.
وهي تسع وعشرون آيةً، وخمس مدّة وستون كلمةً، وألفان وأربع مئة وثمانية وثلاثون حرفًا، نزلت بعد سورة الجمعة.
تسميتها: سميت سورة الفتح؛ لأنّ الله تعالى بشّر المؤمنين بالفتح المبين، حيث قال في أولها: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)﴾ الآيات.
فضلها: نزلت هذه السورة الكريمة على رسول الله - ﷺ - بعد مرجعه من الحديبية، ولما نزلت هذه السورة.. قال رسول الله - ﷺ -: "لقد أنزلت عليّ الليلة سورة، هي أحب إليَّ من الدنيا وما فيها". ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)﴾ أخرجه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن عمر بن الخطاب.
مناسبتها لما قبلها من ثلاثة أوجه (٢):
١ - أنّ الفتح المراد به النصر مرتب على القتال، وجاء في سورة محمد تعليم المؤمنين كيفية القتال: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾، ثم ذكر هنا بيان
(٢) المراغي.