الأمم الماضية المحكية. وهو (١) مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالذَّنوب. وهو الدلو العظيم المملوء. قال الشاعر:
لَنَا ذَنُوْبٌ وَلَكُمْ ذَنُوْبٌ | فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلَنَا الْقَلِيْبُ |
﴿فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ﴾ أصله: فلا يستعجلوني بياء المتكلم؛ أي: فلا يطلبوا منّي أن أعجل في المجيء به؛ لأنَّ له أجلًا معلومًا، فهو نازل بهم في وقته المحتوم. يقال: استعجله إذا طلب وقوعه بالعجلة.
والمعنى: فإنَّ للذين ظلموا أنفسهم باشتغالهم بغير ما خلقوا له من العبادة، وإشراكهم بالله عزّ وجل، وتكذيبهم رسوله نصيبًا من العذاب مثل نصيب نظرائهم من الأمم السالفة التي كذبت رسلها. فلا يطلبوا منى أن أعجل بالإتيان به، فإني لا أخاف الفوت، ولا يلحقني عجز. وهذا جواب عن قولهم: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾، ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾. وكان النضر بن الحارث يستعجل بالعذاب، فأمهل إلى بدر ثم قتل في ذلك اليوم، وصار إلى النار، فعذب أولًا بالقتل ثم بالنار.
٦٠ - ﴿فَوَيْلٌ﴾؛ أي: فشدّة عذاب. ﴿لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بما جاء به محمد - ﷺ - وهم أهل مكة. ﴿مِنْ يَوْمِهِمُ﴾ من للتعليل؛ أي: من أجل يومهم ﴿الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ العذاب يه. وهو يوم بدر. وهو الأوفق لما تقدم من حيث إنه من العذاب الدنيوي أو يوم القيامة. وهو الأنسب لما في صدر السورة الآتية. وأيّا ما كان فالعذاب آت، وكل آت قربب. ووضع الموصول موضع ضميرهم تسجيلًا عليهم بما في حيز الصلة من
(١) روح البيان.