باب الحاء


فصل الحاء والباء


ح ب ب:
قوله تعالى: ﴿يحبهم ويحبونه﴾ [المائدة: ٥٤].
محبة الله للعباد: إرادة الخير بهم وغفران ذنوبهم، ولذلك قال الأزهري: إنعامه عليهم بالغفران، ومحبة العباد لربهم ولرسوله: طاعتهم لهما وامتثال أوامرهما واجتناب نواهيهما. وعليه قوله تعالى: ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾ [آل عمران: ٣١]، وقال تعالى: ﴿فإن الله لا يحب الكافرين﴾ [آل عمران: ٣٢] أي لا يغفر لهم. وقال ابن عرفة: المحبة عند العرب إرادة الشيء على قصد له. قلت: وفرق بعضهم بين الإرادة والمحبة فقال: والمحبة إرادة ما يراه ويظنه خيرا. وهي على ثلاثة أوجه: محبة للذة كمحبة الرجل للمرأة، ومنه: ﴿ويطعمون الطعام على حبه﴾ [الإنسان: ٨]، ومحبة للنفع كمحبة ما ينتفع به ومنه: ﴿وأخرى تحبونها﴾ [الصف: ١٣]. ومحبة للفضل كمحبة العلماء بعضهم لبعض لأجل العلم. وربما فسرت المحبة بالإرادة في قوله: ﴿يحبون أن يتطهروا﴾ [التوبة: ١٠٨]، وقال: ليس كذلك؛ فإن المحبة أبلغ من الإرادة كما تقدم. فكل محبة إرادة وليس كل إرادة محبة.
وقوله: ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾ [البقرة: ٢٢٢] أي يثيبهم.
وفي عكسه: ﴿والله لا يحب كل كفار أثيم﴾ [البقرة: ٢٧٦]. وفيه تنبيه على أنه بارتكاب الآثام يصير بحيث لا يتوب لتماديه في ذلك. وإن لم يتب لم يحبه الله تعالى المحبة التي وعد الله التوابين والمتطهرين. والاستحباب حقيقته طلب المحبة إلا أنه ضمن


الصفحة التالية
Icon