الواقعة ٥ ﴿
{بسم الله الرحمن الرحيم﴾

﴿إِذَا وَقَعَتِ الواقعة﴾ أيْ إذَا قامتِ القيامةُ وذلكَ عندَ النفخةِ الثانيةِ والتعبيرُ عنها بالواقعةِ للإيذانِ بتحققِ وقعها لا محالةَ كأنَّها واقعةٌ في نفسِها معَ قطعِ النظرِ عن الوقوعِ الواقعِ في حيزِ الشرطِ كأنَّه قيلَ كانتِ الكائنةُ وحدثتِ الحادثةُ وانتصابُ إذَا بمضمرٍ ينبىءُ عن الهولِ والفظاعةِ كأنَّه قيلَ إذَا وقعتِ الواقعةُ يكونُ من الأهوالِ مالا يفي به المقالُ وقيلَ بالنَّفي المفهومِ من قولِه تعالى
﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ أيْ لا يكونُ عندَ وقوعِها نفسٌ تكذبُ على الله تعالى أوتكذب في نفيها كما تكذبُ اليومَ واللامُ كهيَ في قولِه تعالى ياليتنى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى وهذهِ الجملةُ على الوجهِ الأولِ اعتراضٌ مقررٌ لمضمونِ الشرطِ على أنَّ الكاذبةَ مصدرٌ كالعافيةِ أي ليسَ لأجلِ وقعتِها وفي حقِّها كذبٌ أصْلاً بلْ كلُّ ما وردَ في شأنِها من الأخبارِ حقٌّ صادقٌ لا ريبَ فيهِ وقوله تعالى
﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أيْ هيَ خافضةٌ لأقوامٍ رافعةٌ لآخرينَ وهو تقريرٌ لعظمتِها وتهويلٌ لأمرِها فإنَّ الوقائعَ العظامِ شأنُها كذلكَ أو بيانٌ لمَا يكون يؤمئذ من حطِّ الأشقياءِ إلى الدركاتِ ورفعِ السعداءِ إلى الدرجاتِ ومن زلزلةِ الأشياءِ وإزالةِ الأجرامِ عن مقارِّها بنثرِ الكواكبِ وإسقاطِ السماءِ كسفاً وتسييرِ الجبالِ في الجوِّ كالسحابِ وتقديمُ الخفضِ على الرفعِ للتشديدِ في التهويل وقُرِىءَ خافضةً رافعةً بالنصب على الحا من الواقعةِ وقولُه تعالَى
﴿إِذَا رُجَّتِ الأرض رَجّاً﴾ أيْ زلزلتْ زلزالاً شديداً بحيثُ ينهدمُ ما فوقَها من بناءٍ وجبلٍ متعلقٌ بخافضةٌ رافعةٌ أي تخفضُ وترفعُ وقتَ رجِّ الأرضِ إذْ عندَ ذلكَ ينخفضُ ما هُو مرتفعٌ ويرتفعُ ما هو منخفضٌ أو بدلٌ منْ إذَا وقعتِ
﴿وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً﴾ أيْ فتت حتَّى صارتْ


الصفحة التالية
Icon