باب الفاء


ف:
الفاء حرف عطف يقتضي الترتيب والمهل عكس الواو وثم؛ فإن الواو لا تقتصي ترتيبًا، و"ثم" تقتضي التراخي. فأما قوله: ﴿أنزل من السماء ماءً فتصبح الأرض مخضرة﴾ [الحج: ٦٣] فقيل: تعقيب كل شيء بجنسه، وقيل: لأن أرض المخاطبين بهذه الصفة.
وتفيد السببية، ولذلك جاز أن يُعطف بها ما ليس صلة على ما هو صلة نحو قوله: الذي يطير فيغضب زيد الذباب. وتعطف ما هو خبر على ما ليس بخبرٍ كقول الشاعر: [من الطويل]
١١٦٥ - وإنسان عيني يحسر الماء تارة فيبدو وتارات يُحم فيغرق
وتحذف بعدها "رب" كقول امرئ القيس": [من الطويل]
١١٦٦ - فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعٍ فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
وتقع جواب للشرط فتضمر بعدها "رب" أيضًا كقول الشاعر: [من الوافر]
١١٦٧ - فإما تعرضن أُميم عني وينزغك الوشاة أول النباط
فحور قد لهوت بهن عينٍ نواعم في المروط وفي الرباط
تقديره: فرب حورٍ، فأضمرت بعدها مع كونها جوابًا، وهي وما بعدها في محل جزم؛ بدليل عطف المجزوم عليها وعلى ما بعدها، ولذلك قرئ: ﴿من يُضلل الله فلا هادي له ويذرهم﴾ [الأعراف: ١٨٦] برفع يذر وجزمه، ولها أحكام.


الصفحة التالية
Icon