المجادلة ﴿
الصَّلاةُ والسَّلامُ وأصحابِه والمَعْنى لئلا يعتقدَ أهلُ الكتابِ أنَّه لا يقدرُ النبيُّ عليه الصلاةَ والسَّلامُ والمؤمنونَ به على شيءٍ مِن فَضْلِ الله الذي هو عبارةٌ عمَّا أُوتُوه من سعادةِ الدارينِ على أنَّ عدمَ علمِهم بعدمِ قُدرتِهم على ذلكَ كنايةٌ عن علمهِم بقدرتِهم عليه فيكونُ قولُه تعالَى وَأَنَّ الفضلَ بيدِ الله إلخ عطفاً على أنْ لا يعلمَ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم مَنْ قرأَ سورةَ الحديدِ كُتبَ من الذينَ آمنُوا بالله ورسلِه {بسم الله الرحمن الرحيم﴾

﴿قَدْ سَمِعَ الله﴾ بإظهارِ الدالِ وَقُرىءَ بإدغامِهَا في السِّينِ ﴿قَوْلَ التى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا﴾ أيْ تراجعكَ الكلامَ في شأنِهِ وفيمَا صدرَ عنْهُ في حَقِّهَا من الظهارِ وَقُرىءَ تُحاوركَ وَتُحاولكَ أَيْ تسائلكَ ﴿وَتَشْتَكِى إِلَى الله﴾ عطفٌ عَلَى تجادلكَ أيْ تتضرعُ إليهِ تعالى وقيل حال أى من فاعله تجادلكَ وَهيَ مُتضرعةٌ إليهِ تَعَالَى وَهِيَ خَوْلَة بنتُ ثَعْلبةَ بنِ مالكِ بنِ خرامة الخزرجيةُ ظاهرَ عنْهَا زوجُهَا أَوْسُ بْنُ الصامتِ أخُو عُبَادةَ ثُمَّ ندِمَ عَلَى مَا قالَ فقالَ لَها مَا أظنكَ إِلاَّ قَدْ حرمتِ عليَّ فشقَّ عَلَيْهَا ذلكَ فاستفتتْ رسولَ الله ﷺ فقالَ حرُمتِ عليهِ فقالتْ يا رسولَ الله ما ذكَرَ طَلاقاً فقالَ حرمتِ عليهِ وَفي روايةٍ مَا أُراكِ إلا قدْ حرمتِ عليه في المرارِ كُلِّها فقالت أشكوا إِلى الله فَاقتِي وَوَجْدِي وجعلتْ تراجعُ رسولَ الله ﷺ وَكُلَّما قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ حرمتِ عليهِ هتفتْ وشكتْ إِلَى الله تَعَالَى فنزلتْ وَفي كلمةِ قَدْ إِشعارٌ بأنَّ الرسولَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ والمجادلةَ كانَا يتوقعانِ أنْ يُنزلَ الله تعالَى حكَم الحادثةِ ويفرجَ عَنْهَا كَرْبَهَا كَمَا يلوحُ بهِ مَا رُوي أنَّه عليه الصلاة والسلام قال لها عند استفتهائها مَا عندِي في أمركِ شيءٌ وَأَنَّها كانتْ ترفعُ رأْسَهَا إِلى السماءِ وتقولُ أشكُو إليكَ فأنزلْ عَلى لسانِ نبيكَ ومَعنْى سَمْعِهِ تَعَالَى لقولِهَا إجابةُ دُعائِها لاَ مجردَ علمِهِ تَعَالى بذلكَ كما هُوَ المَعْنِيُّ بقولِهِ تَعَالَى ﴿والله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما﴾ أيْ يعلُم تراجعَكُمَا الكلامَ وَصيغةُ المضارعِ للدلالةِ على استمرار السمعِ حسَبُ استمرارِ التحاورِ وتجددِهِ وَفي نَظْمِها في سلك الخطابِ تغليباً تشريفٌ لَهَا منْ جهيتين والجملة استئناف مَجْرَى التعليلِ لِمَا قبلَهُ فإنَّ إلحافَهَا في المسألةِ ومبالغَتَها في التضرعِ إِلى الله تَعَالَى ومدافعتَهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إيَّاها بجوابٍ منبىءٍ عنِ التوقفِ وترقبِ الوحى وعلمه تعالى بحالها منْ دَواعي الإجابةِ وَقيلَ


الصفحة التالية
Icon