النفع والضر -يَسَّرَ لي طلب العلم على الوجه الذي كنا رتَّبنا بيانه في كتاب "ترتيب الرحلة للترغيب في الملة" (١)، فلما شذّ في معرض المقادير، واستلبته الحوادث بما سَبَقَ في علم الله من التدبير، رأينا أنْ نُجَدِّدَ مَا سَلِمَ في الرقاع الموجودة، مع ما حضر في الذكر، ليكون عنواناً لما جرى، وتنبيهاً على فضل من تَأوَّبَ، وَسِرّاً وحجّة لمن قال: قد تعدى من تمنّى أن يكون مثل من تعنى (٢)، ونقرن به من نُكَتِ المعارف، ما يقوم به مائلُ العذر، ويتضح منه ما استبهم لكم من الأمر، ونشير إلى الممكن من "قانون في التأويل لعلوم التنزيل" يرشد المبتدىء إلى ضالة الطِّلاب، ويفتح على المنتهي ما أُرْتِجَ (٣) من الأبواب.
ذكر ابتداء طلب العلم
عجباً لقوم يقادون بالحَكَمَةِ (٤) إلى الحِكْمَةِ، وإلى العلم بالسلاسل، وآخرين مهمِلِينَ بالعدل على الاسترسال في الشهوات، والتخلِّي في غمرة

= عمران: ٢٦] ولم يقل بيدك الخير والشر، وإن كان قد ذكر القسمين معاً؛ لأن نزع الملك والإذلال بالنسبة إلى من لحق ذلك به شر ظاهر، نعم قال في أثره: ﴿إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾ تنبيهاً في الجملة على أن الجميع خلقه... ".
(١) انظر عن هذا الكتاب دراستنا لمؤلفات ابن العربي، رقم: ٥٦.
(٢) لم أعثر على هذا المثل في كتب الأمثال التي استطعت الوقوف عليها.
(٣) ما أغلق إغلاقاً وثيقاً.
(٤) ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه.


الصفحة التالية
Icon