سبيل الحق ناكبة، وقالت إن المراد بقوله ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ﴾ القلب، وَلَا حَظَّ للكعبة فيه (١)، ولكنه كما أخبر تعالى عنه: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٦].
وقد ركب العلماء على هذا كلاماً، فقالوا (٢): إن علوم القرآن خمسون علماً وأربعمئة علم، وسبعة آلاف، وسبعون ألف علم على عدد كلم القرآن، مضروبة في أربعة، إذ لكل كلمة منها ظاهر وباطن، وحد ومطلع، هذا مطلق دون اعتبار تركيبه، ونضد بعضه إلى بعض وما بينها من روابط على الاستيفاء في ذلك كله، وهذا مما لا يحصى، ولا يعلمه إلا الله تعالى.
ذكر العلم النظري والعلم العملي
وقد تردّد في أثناء التقسيم الانتحاء إلى هذين القسمين، حتى قلنا: إن النظر في الوحي يكون فيما يفضي إلى العلم، وفيما يفضي إلى الظن.
والنظري: معرفة الله وصفاته وأقواله، والمعاد فاحكمه بالأصول.
(٢) هذه الفقرة إلى قوله: "ولا يعلمه إلا الله"، نقلها الزركشي في البرهان: ١/ ١٦ - ١٧ والسيوطي في معترك الأقران: ١/ ٢٣، والإتقان في علوم القرآن: ٤/ ٣٧، وطاش كبرى زادة في مفتاح السعادة: ١/ ٧٥، ٢/ ٥٣٦، والكَتَّانِي في التراتيب الإدارية: ٢/ ١٧٥.
ويحتمل أن يكون هذا النص قد نقله ابن العربي عن الإِمام الغزالي فقد ورد في "إحياء علوم الدين" ما نصه: "... وقال آخرون: القرآن يحوي على سبعة وسبعين ألف علم ومئتي علم، إذ كل كلمة علم، ثم يتضاعف ذلك أربعة أضعاف، إذ لكل كلمة ظاهر وباطن وحد ومطلع" الإحياء: ١/ ٢٩٠ (ط: الحلبي). وهذه العبارة الأخيرة أوردها المؤلف في معرفة قانون التأويل: ٧/ أونسبها إلى بعض الصوفية.