ولا يعتقد أحد منكم أنه يأتي موضع يعسر فيه التأويل، أما إنه قد تأتي في الشريعة ألفاظ لا يبين الشرع معناها، ولا يهتدي العقل إلى معرفتها، فيلزم إثباتها عقداً، وأما العلم الشرعي، فإن الآية والخبر إذا تعارضا فالآية مقدمة لأنها مقطوع بصحتها، والخبر لا يقطع به (١).
ذكر المعنى الذي أوجب العثور في النظر
أما أنه نبعت طائفة أرادوا أن يلفقوا بين موارد الشرع وأغراض الفلاسفة، وادعوا أنها متلائمة، وأن كلام النبي مع كلام الفيلسوف يخرج عن مشكاة واحدة، ومن ها هنا دخلت المطاعن في التنزيل، ودرست على السالكين السبيل، وحار الناظرون في الدليل.
وهذا باطل، فإن القوم تكلموا قابعقول صرة، في معان خفية، وذلك بين من كتاب الله بالكلام (٢) في إيراد مجادلة الكفار للأنبياء، فما من أمة إلا والرد عليهم في كتاب الله.
ولقد فاوضت في ذلك بعض العلماء (٣) في مسائل أورد عليكم منها ما تجعلونه أصلاً لغيرها.
(٢) دُوِّنَت بعض هذه المسائل وأوردها الونشريسي في "المِعْيَار المُعْرِب والجامع المُغْرِب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب": ١١/ ١٨ - ٢٧، كما نشر بعضها الشيخ الكوثري باسم "قانون التأويل" (ط: الحسيني ١٩٤٠).
(٣) يقصد الإِمام الغزالي.