تمهيد علوم القرآن وتأريخ التأليف فيها
تعني عبارة (علوم القرآن) المباحث والدراسات التي كتبت حول القرآن الكريم، وهي تتناول أربعة موضوعات أساسية، الأول: مصدر القرآن أو كيفية إنزاله وتلقي النبي ﷺ له، والثاني: كتابة القرآن وجمعه ونسخه في المصاحف، والثالث: تلاوة القرآن وقراءاته، والرابع: تفسير القرآن وكيفية فهم آياته. ويتألف كل موضوع من هذه الموضوعات من عدد من المباحث التي يتكون من مجموعها ما يعرف بعلوم القرآن، ويتصل بعلوم القرآن أيضا المباحث المتعلقة بفضائل القرآن، والدراسات التي تبحث في وجوه إعجازه.
وترتبط نشأة (علوم القرآن) ببدء نزول القرآن الكريم على سيدنا محمد ﷺ وتلاوته على الناس، وأمره أصحابه بكتابته. وتطورت تلك النشأة مع تطور الحياة العلمية والثقافية للأمة- وانتقلت من مرحلة الملاحظات المتفرقة إلى مرحلة البحث المنهجي المدوّن. ويمكن أن ندرس نشأة (علوم القرآن) وتطورها من خلال المراحل الأربع الآتية:
المرحلة الأولى: علوم القرآن قبل عصر تدوين العلوم:
يمكن للباحث أن يجد بدايات علوم القرآن في عصر النبوة متمثلة بالملاحظات والأحاديث التي تلقّاها الصحابة عن رسول الله ﷺ المتصلة بالقرآن
الكريم، فمن سؤال الصحابة النبي ﷺ عن كيفية تلقيه القرآن بدأت المباحث المتعلقة بنزول القرآن، ومن قراءته ﷺ القرآن على أصحابه وحثّهم على تلاوته وحفظه نشأت المباحث الخاصة بالقراءات القرآنية، ومن أمره ﷺ كتّاب الوحي بكتابة ما ينزل عليه من القرآن تأكدت سنّة كتابة القرآن وجمعه في الصحف،


الصفحة التالية
Icon