سورة النحل
بسم الله الرحمن الرحبم
قوله: (مكية غير ثلاث آيات) وقيل مكية كلها، وقيل غير ذلك. قوله: (مائة الخ) الذي
ذكره الداني في كتاب العدد أنها تسعون، وثلاث، وقيل أربع، وقيل خمس في سائر المصاحف، وتسمى سورة النعم جمع نعمة لما ذكر فيها مما أنعم " الله به على الإنسان من الماكل، والمركب وغير. كما ستراه، ولما ذكر في آخر السورة السابقة المستهزئين المكذبين له ابتدأ هنا بقوله: ﴿أَتَى أَمْرُ اللهِ﴾ المناسب له على ما ذكر في معناه، وسبب نزوله. قوله: (كانوا يستعجلون ما أوعدهم الرسول صلى الله عليه وسلم) الاستعجال طلب الشيء قبل زمانه ولذا قيل من استعجل بشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وقوله دماهلاك الله، وفي نسخة أو بدل الواو، وهما بيان للوعيد، وقوله تشفع لنا ناظر للساعة، وتخلصنا للإهلاك فليس قوله إن صح ما يقوله الخ. ظاهرا في إرادة قيام الساعة كما توهم، وقوله استهزاء، وتكذيباً تعليل لقوله يستعجلون فليس استعجالهم على حقيقته بل هو في صورة الاستعجال، والمراد به ما ذكر، ويقولون معطوف على يستعجلون. قوله: (والمعنى أنّ الأمر الموعود به) يشير إلى أنّ أتى بمعنى يأتي على طريق الاستعارة بتشبيه المستقبل المحقق بالماضي في تحقق الوقوع، والقرينة عليه قوله فلا تستعجلوه فإنه لو وقع ما استعجل، وقوله من حيث إنه تعليل لما قبله، وانّ بالكسر على ما ارتضاه ابن هشام رحمه الله تعالى، وجوّز ابن إياز فتحها لأنها قد تضاف للمفرد لكنه شاذ فالكسر أولى، وقوله فلا تستعجلوا وقوعه تفريع على وجوب الوقوع فإنّ ما هو كذلك لا يخاف فواته حتى يستعجل فإنّ الاستعجال إنما هو في الاكثر لذلك، ثم علل النهي بأنه لا خير في الوقوع، ولا بد منه فضمير فيه وعنه للوقوع، ولا غبار على كلامه. قوله: (تبرّأ وجل عن أن يكون له
شريك الف ونشر فتبرأ تفسير سبحان وجل تفسير تعالى، وعن أن الخ تنازع فيه تبرّأ وجل، وما تحتمل الموصولية، والمصدرية لكنها ظاهرة في الثاني، وإليه أشار بقوله عن أن إذ فسرها بان المصدوية مع احتماله للوجه الآخر، ولما كان التنزيه إنما يكون عن صفة العين لا عن الذوات، وصفات الغير فلا يظهر التنزبه عن الشريك أشار بقوله أن يكون له إلى أنه صفة سببية سلبية، وأيضاً لما كان التنزيه منه تعالى لنفسه آل إلى معنى التبري فلذا فسره به، وقوله فيدفع ما أراد بهم بيان لارتباطه بما قبله، ومناسبته له، ويدفع بالنصب أي تنزه سبحانه، وثعالى عن أن يحوم العجز اللازم لتكذيبهم حول سرادقات كبريائه فيكون له شريك فضلاً عن شركاء حتى يكون ما زعمتم من دفعهم عنكم، ،. هم أحجار، ومخلوقات لا تملك لأنفسها ضرّا ولا نفعا. قوله: (بالياء على تلوين الخطاب (الواقع في قوله فلا تستعجلوه فإنه للكفرة فإذا قرئ يشركون بالغيبة حينئذ كان التفاتا، والمراد بتلوين الخطاب الالتفات من الخطاب للكفرة إلى الغيبة، والخطاب الكلام المخاطب به، وعليه إذا قرى بالتاء لا التفات فيه، وكذا إذا كان الخطاب الأوّل للمؤمنين أولهم، ولغيرهم فإنه لا يتحد معنى الضميرين حتى يكون التفاتاً أو هما متحدان لكنه فيه تغليبان فغلب المؤمنون على غيرهم في الخطاب وغيرهم عليهم في نسبة الشرك على قراءة تشركون بالتاء، ولا التفات فيه أيضاً، وعلى قراءة الياء لا التفات، ولا تغليب أصلا. فمن قال ليس المراد بتلوين الخطاب الالتفات بل المعنى الأعم منه لوجوده أيضا إذا كان الخطاب لهم ولغيرهم فلا تصح المقابلة على الإطلاق لم يصب. قوله: (لما روي أنه لما نزلت الخ ((١) اعترض عليه بأنه ليس في هذه الرواية استعجال المؤمنين، وقد قيل في آية أخرى يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها فالظاهر أنهم لما سمعوا أوّل الآية اضطربوا الظن أنه وقع فلما سمعوا خطاب الكفار بقوله فلا تستعجلوه اطمأنت قلوبهم وردّ بأنه ليس المراد بالاستعجال حقيقته بل اضطرابهم، وتهيؤهم لها المنزل منزلته، وليس هو الاستعجال الواقع من الكفرة في تلك الآية لأنه استعجال تكذيب كما في الوجه الآخر، وبه اندفع الاعتراض بلزوم الجميع بين الحقيقة، والمجاز إذا كان الخطاب للمؤمنين وغيرهم فإن قلت إذا كان الخطاب للمؤمنين لا يتصل قوله


الصفحة التالية
Icon