قوله: (ورتب الحمد عليه) أي على النفي لهذه بأن جعله محموداً عليه وهو دفع لسؤال كما في الكشاف وهو أنّ الحمد يكون على الجميل الاختياري وبه وما ذكر من الصفات العدمية ليس كذلك فالمقام مقام التنزبه لا مقام الحمد، وقوله: لأنه كامل الذات الخ بيان لدفعه وحاصله أنه يدل على نفي الإمكان المقتضي للاحتياج واثبات أنه الواجب الوجود لذاته الغنيّ عما سواه المحتاج إليه ما عداه فهو الجواد المعطى لكل قابل ما يستحق فهو المستحق للحمد دون غيره، وقيل: نفي هذه الصفات التي هي ذرائع لمنع المعروف لأنّ الولد مبخلة، والشريك مانع من التصرّف كيف شاء والاحتياج إلى المعين أظهر رديف لإثبات أضمدادها على الكناية وهو وجه حسن ولو حمل الكلام على ظاهره لكان له وجه لأنّ قول القائل الحمد لله ينبئ عن أنّ الألوهية تقتضي الحمد، فإذا قلت الحمد لله المنزه عن النقائص مثلا يكون مقويا لمعنى الألوهية المفهومة من الجلالة فيكون وصفاً مؤيداً لاستحقاقه الحمد من غير نظر إلى مدخلية الوصف في الحمد اسنقلالاً وهذا معنى مكشوف لكنهم حاولوا الدلالة على مكان الفائدة الزائدة يعني أنه دال على الاستحقاق الذاتيّ، وأفاد الطيبي رحمه الله أنّ في الآية تقسيما حاصراً لأنّ المانع من الإيتاء إمّا فوقه أو دونه أو مثله فنفى الكل على الترقي، وهو معنى بديع فقول المصنف: لأنه كامل الذات معلوم من الجلالة وكونه لا ولد له ولا معين فهو تنبيه على الاستحقاق الذاتي، وقوله: المنفرد بالإيجاد المنعم على الإطلاق من كونه لا شريك له في الملك فهو الموجد له المتصرّف فيه فكل ما فيه من نعمة ومنعم عليه، فهو له وهو الفياض! المطلق بلا عوض! ولا غرض إذ لا احتياج له وهذا يفهم منه بطريق الكناية، وقد قصد معناه الحقيقي أيضا إذ هي لا تنافيه فهذا إشارة إلى الاستحقاق الثاني، وقوله: مملوك نعمة من إضافة الصفة للموصوف أي ما عداه ناقص لأنه إمّا نفس النعمة المملوكة له المسندة إليه أو منعم عليه، وقوله: ولذلك، أي لكونه كاملاً وما عداه ناقص استحق التكبير أي التعظيم فلذا عطف عليه قوله: وكبره تكبيراً. قوله: (وفيه) أي في قوله: وكبره تكبيراً أمراً له بتعظيم الله أي تعظيما مؤكداً بالمصدر المنكر من غير تعيين لما يعظمه به إشارة إلى أنه مما لا تسعه العبارة، ولا تفي به القوّة البشرية، دمان بالغ في التنزيه بما مرّ والتحميد بحمده، واجتهد في العبادة المفهومة من ذكر الصلاة قبله فلم
يبق إلا الوقوف بأقدام المذلة في حضيض القصور. قوله: (روي أنه ﷺ الخ) الآية هي قوله: الحمد دلّه الخ وهذا الحديث رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق وغيرهما، وقوله: أفصح أي أنطق لسانه بالكلام وفهم ما يلقى إليه، وقوله: من قرأ الخ حديث موضوع، وقوله: فرق قلبه أي حزن عليهما وتأسف، وقوله: كان له قنطار أي من الثواب، وقوله: والقنطار الخ هو من جملة الحديث، وذكره الواحديّ دون قوله: ومائتا أوقية وفيه الأوقية منها خير من الدنيا وما فيها والله أعلم، تمت السورة بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
سورة الكهف
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (مكية وقيل إلا قوله الخ (وفي الإتقان أنها مدنية من أوّلها إلى قوله: جرزا، وقوله: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ﴾ [سورة الكهف، الآية: ٢٨] الآية ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إلى آخر السورة، واختار الداني أنها مكية كلها وفي عددها خلاف عند الداني فقيل مائة وعشرة وقيل إحدى عشرة ولما ختم السورة التي قبلها بما هو ظاهر في الحمد الذاتي على ما مر عن صاحب الكشف افتتح هذه بما يدلّ على الحمد واستحقاقه له الغير الذاتيئ تتميماً للاستحقاقين وفسر الكتاب بالقرآن إشارة إلى أن تعريفه للعهد. قوله: (رتب استحقاق الحمد) إشارة إلى أن اللام هنا للاستحقاق وهو أحد معانيها كما ذكره النحاة قاطبة ووجه ترتبه عليه وان كان مؤخراً في الذكر أن الوصف بشيء بعد إثبات حكم يقتضي عليته ويقتضي تقدمه في التصوّر والرتبة وقد مر مثله. قوله: (تنبيهاً على أنه أعظم نعمائه (أعظميته باعتبار ما ذكره من أنه الهادي الخ ولا شيء في معناه أعظم منه