لا يلائمان الآية السابقة لعدم احتمال رجوع ضمير كان للتوحيد أو الله ولذا أخرهما وهما مناسبان للتفسير الثاني، والحصر على الكل تحقيقي إضافي أي لا ما زعموه من تكذيب القرآن أو الرسول أو الشريك أو الشركاء. قوله: (كأنه قيل أو لم تحصل الكفاية به) إشارة إلى أن فيه معنى الحصول فلذا حسنت زيادة الباء فيه، وفيه أنّ هذا التأويل جار في كل فعل فإن أراد أنه مؤوّل به لم تكن داخلة على الفاعل ويكون كقول الزجاج إنها دخلت لتضمن كفى معنى اكتف وهو وجه استحسنه ابن هشام في المغنى، وقيل إنها زائدة في المفعول والفاعل ما بعده وقوله: لا تكاد الخ إشارة إلى أنّ زيادتها مع غير الفاعل كثيرة ومعه نادرة لكنه في كفى مشهور على القول المرضى للنحاة وفي غيره شاذ مختلف فيه فلا يرد عليه أحسن بزيد في التعجب فإنه غير مسلم عند جماعة من النحاة على ما عرف في بابه ولا قولى:
ألم يأتيك والأنباءتنمي بما لاقت لبون بني زياد
فإنه شاذ قبيح، ثم إنه قيل المراد بالفاعل ما هو على صورته فلا يرد أحسن بزيد لخروجه
عن صورته بتغيير لفظه، وقال في المغني: المراد ما هو فاعل صورة ومعنى ولا يرد عليه قول الزجاج وما قيل: من أنّ المراد لا يكاد يدخله بيقين ليخرج أحسن بزيد يرد عليه أنه غير متيقن فيما نحن فيه أيضا لجواز كونه مؤوّلاً باكتف كما ذهب إليه الزجاج وكون الفاعل أن وما معها، ويكون فاعله ضمير الاكتفاء على الأوّل والجار والمجرور متعلق بالضمير بناء على جواز عمله في الظرف كما قرره النحاة في نحو قوله:
وما هو عنها بالحديث المرجم
قوله: (بدل منه) أي بدل اشتمال كما أشار إليه بقوله: والمعنى أولم يكفك الخ وفيه
إشارة إلى أن المبدل منه في نية الطرح كما قرره النحاة وجعل مفعول يكفي ضمير الرسول، والزمخشري جعله ضميرهم فقدّره أولم يكفهم وليس ارتباطه بما قبله من قوله: سنريهم الخ محوجاً إلى التكلف كما توهم لظهور كون الضمائر لهم كما لا يخفى. قول! :(محقق له الخ (تفسير لشهيد على أنه من الشهادة فالمراد به لازمه أو من الشهود، والاطلاع وهو مجاز عما ذكر أيضاً وضمير له لشيء ومناسبته لما قبله ظاهرة إذ المعنى أنه عالم بحالك، وحالهم فهو ناصرك عليهم منجز لك وعده بإعلاء كلمته واعزار ديته كما أشار إليه بقوله: فيحقق الخ. قوله:) أولم يكف الإنسان الخ) إن كان المراد بالإنسان جنس البشر دخل فيه قومه دخولاً أوّليا، وإن أريد به هؤلاء القوم فهو ظاهر وعليهما فمناسبته للمقام وارتباط الكلام ظاهرة إذ المعنى لم يعصونه، ولا يصدقون بما جئت به من الحق وشهيد على هذا من الشهود كما أشار إليه بقوله مطلع، ويجوز أن يكون من الشهادة فالمعنى محقق له أيضا فينجز ما وعده من الثواب والعقاب، وكأنه تركه لأنه يعلم بالمقايسة على ما قبله إذ لا وجه للتخصيص. قوله: (في شك) تفسير للمرية فانها مطلق الشك أو شك مخصوص كما مر تحقيقه، وقوله: بالضم أي ضم الميم وقوله: وخفية إشارة إلى أنه من أوزان المصدر والكسر أشهر لمناسبته الياء، وقوله: بالبعث لاستبعادهم إعادة الموتى بعد تبذد أجزائهم وتفرق أعضائهم. قوله: (عالم بجمل الأشياء وتفاصيلها) جمل بالجيم جمع جملة وهي خلاف التفصيل، وقوله: مقتدر عليها من معنى الإحاطة بكل شيء فإن المراد إحاطة علمه وقدرته بها وهو دفع لمريتهم وشكهم في البعث واعادة ما تفرّق واختلط مما يتوهمون عدم إمكان تمييز. ، وقول القاشاني: إنّ هذه الآية تدل على وحدة الوجود كما نقله الجامي في نفحاته عني به أنه بطريق الإيماء، والإشارة لا إنه معنى
النظم حتى يرد عليه إنه يلزم عدم مناسبته لما قبله كما قيل، وقوله عن النبي ﷺ الخ حديث موضوع كغيره مما ذكره الشيخان في خواتم السور، تمت السورة والحمد دلّه على جزيل نعمائه والصلاة والسلام على مظهر أسمائه، وعلى آله وأصحابه المبلغين أمانة أنبائه.
سورة الشورى
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (مكية) قد مر تحقيق المكيّ والمدني وكونها بجملتها مكية ارتضاه المصنف رحمهالله تبعاً للزمخشري