وببركة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وصحبه أجمعين.
سورة الحشر
وتسمى سورة النضير لما سيأتي وهي مدنية، وآيها أربع، وعشرون بلا خلاف.
بسم الله الرحمن الرحبم
قوله: (روي الخ) هذا الحديث أصله في السير إلا أنه ليس بهذا اللفظ قال ابن حجر:
لم يوجد مسنداً في كتب الحديث المعتبرة، وفيه مخالفة لما ثبت في الرواية كما سنبينه لك، وبنو النضير بوزن أمير قوم من يهود خيبر معروفون، وكذا بنو قريظة وهم من نسل هارون وجدّهم كان كاهناً، ولذا لقب الحيان بالكاهنين، وقيل: إنهم نزلوا في فتنة من بني إسرائيل ثمة لانتظار بعثة النبيّ في لتبشير كاهنهم به، وقوله: ظهر بمعنى غلب، وانتشر صيته، وقوله: ارتابوا أي في كونه إياه، وقوله ة نكثوا أي نقضوا صلحه، وكعب بن الأشرف رجل من بني نبهان من طيئ، وأمّه من بني النضير، وكان شاعراً أكثر من أذية المسلمين، وهجائهم والإغراء بهم، ولذا أمر النبيّ ﷺ بقتله، ومحالفة أبي سفيان على اتحادهم في محاربته وأضراره وأخو كعب رضاعاً ليس هو محمد بن مسلمة بفتح الميم الأنصاريّ كما توهم بل هو سلكان بن سلامة بن وقشي، وهو أحد الخمسة الذين باشروا قتله كما فصله ابن سيد الناس في سيرته، والغيلة بكسر الغين المعجمة قتل الرجل بحيلة، وخدعة يخفيها، ويظهر أنه لا يريد قتله. قوله: (ثم صيحهم بالكتائب الخ) ظاهره أنه عقب قتل كعب، وليس كذلك فإنّ قتل كعب كان قبل أحد، وهذا بعدها بأشهر على ما فصل في السير، والحيرة بكسر الحاء المهملة اسم بلدة معروفة. قوله: (في أوّل حشرهم من جزيرة العرب الخ) أي إخراجهم منها، وهو إشارة إلى أنّ اللام في قوله: لأوّل الحشر لام التوقيت كالتي في قولهم كتبته لعشر خلون، ونحوه ومآلها إلى
معنى في الظرفية لكنهم لم يقولوا إنها بمعنى في إشارة إلى أنقا لم تخرح عن أصل معناها، وأنها للاختصاص لأنّ ما وقع في وقت اختص به دون غيره من الأوقات، ويل: إنها للتعليل، وقوله: من جزيرة العرب الخ. هذا قيد لبيان الواقع لا للاحتراز حتى يتوهم أنّ لهم حشراً من غيرها كحشرهم من الشام إلى أرض العرب فيعترض عليه بأنه كان باختيارهم، والأول مقابل للآخر لأنه أوّل إخراج وقع لهم في الإسلام أو لا يلزم أنّ تعتبو فيه المقابلة، وجزيرة العرب معظم ديارهم المعروفة من اليمن إلى الشام، والعراق، وسميت جزيرة لأنها بين البحر الهندي، وبحر الثأم، ودجلة والفرات، وتعيينها مذكور في تحديد البلدان، وتقويم الأقاليم. قوله: (إذ لم يصبهم هذا الخ) توجيه لكونه أوّل، وقوله: أو في أول حشرهم للقتال فالمراد بالحشر جمع أهل الكتاب للمقاتلة مع المسلمين فإنهم لم يجتمعوا له قبله، وهذا إمّا بناء على وقوع قتال منهم أو جمعهم له، وتهيؤهم لا يلزمه الوقوع فلا ينافي قوله: وقذف في قلوبهم الرعب، وما في الكشاف من أنّ المراد حشر الرسول، والمؤمنين لقتالهم لأنه أوّل قتال للمسلمين مع أهل الكتاب فوجه آخر تركه المصنف رحمه الله لأنّ النبيّ ﷺ لم يعزم على القتال، ولذا ركب حماراً مخطوما بليف لعدم المبالاة بهم فلا وجه لما قيل إنه الظاهر فتدبر. قوله: (أو الجلاء إلى الشام) هذا بناء على أنه لم يقع منهم قتال، وقيل: إنه اعتبر الأوّلية، والآخرية بالنسبة إلى منتهى الجلاء، ويمكن اعتبار مبدئه من أرض العرب، وفيه نظر، وقوله: هناك يعني بالشام فإنها أرض المحشر كما روي عن عكرمة وغيره، وفاعل يدركهم ضمير القيام. قوله: (أو في أوّل حشر الناس) فتعريف الحشر على هذا للجنس، وعلى ما قبله للعهد واعتبار خصوص المحشورين، وقوله: أو إنّ ناراً الخ هو من أشراط الساعة، وهذا بيان لآخر حشرهم فهو معطوف على قوله: إنهم يحشرون، وأوّله حينئذ حشر الناس من غير تعيين لكن المقصود به ما مرّ أيضاً فتأمّل. قوله: (إخراج جمع) سواء كان من الناس لحرب أو لا فالمشروط فيه كون.
المحشور جمعا من ذوي الأرواح لا غير، وقوله: منعتهم بفتحتين مصدر أو جمع مانع كما مرّ وقوله، وظنوا الخ. أي ظنا قويا بقرينة السياق لا لأنّ أن إنما يعمل فيها ما يدل على علم أو يقين كما توهم مع


الصفحة التالية
Icon