سورة الطارق
لم يذكروا خلافا في مكيتها وفي آياتها خلاف يسير لأنه قيل: إنها ستة عشر.
بسم الله الرحيم الرحيم
قوله: (والكوكب البادي الخ) المذكور في كتب اللغة أنّ الطارق من الطرق وأصل معناه الضرب بوقع وشدة يسمع لها صوت، ومته المطرقة والطريق لأنّ السابلة تطرقها، ثم صار في عرف اللغة اسماً لسالك الطريق لتصوّر أنه يطرقها قدمه، واشتهر فيه حتى صار حقيقة وأصلاً بالنسبة لما عداه فلا يرد على قوله في الأصل الخ أنّ أصل معناه القرع والوقع دون ما ذكر وتسمية الآتي ليلاً طارقاً لأنه في الأكثر يجد الأبواب مغلقة فيطرقها، وقوله: للبادي أي للكوكب البادي. قوله: (المضيء) أصل معنى الثقب الخرق فالثاقب الخارق، ثم صار بمعنى المضيء كما في قوله:
نظم الجزع ثاقبه
وقد يخص بالنجوم والشهب، ولذا قيل في توجيه الإطلاق على ما ذكر أنه لتصوّر أنه
ثقب الظلام أو الفلك فقوله: أو الأفلاك معطوف على الظلام ضد الضوء. قوله: (والمراد الجنس) أي بالنجم الثاقب على أنّ تعريفه للجنس، أو كوكب معروف بالثقب وشدّة الإضاءة على أنّ تعريفه للعهد، وقوله: زحل بوزن عمر ممنوع من الصرف ودخول أل عليه علم للكوكب المعروف من زحل بمعنى بعد لأنه أبعد الكواكب السيارة أي أعلاها، وقال الإمام: أنّ الثاقب غلب عليه كما غلب النجم على الثريا إمّا لأنّ ضوءه يثقب سبع سموات أو هو من ثقب بمعنى ارتفع كما ذكره الفراء لأنه أرفع السيارة مكانا فثقب يكون بمعنى أضاء وارتفع، وترك ما في الكشاف من تفسيره بالشهاب الساقط على الشيطان لظهور أنه لا يختص به. قوله: (عبر عنه أوّلاً الخ) يعني كان مقتضى الظاهر أن يقال: ابتداء والنجم الثاقب لأنه أخصر وأظهر فعدل عنه تفخيما لشأنه فأقسم بما يشترك فيه هو، وغيره وهو الطارق ثم سال عنه وفسره بما ذكر للتفخيم الحاصل من الإبهام، ثم التفسير ومن الاستفهام. قوله: (أي إنّ الثأن الخ) هذا على قراءة
التخفيف وعني به أنّ إن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدّر، وكل نفس مبتدأ وعليها حافظ خيره، وما زائدة واللام هي الفارقة، وسماها المصنف فاصلة وهو مخالف للمعروف في اصطلاح النحاة إلا أنّ المعنى واحد، وقد قيل إنه لا حاجة لتقدير ضمير الشأن فإنه في غير المفتوحة ضعيف وأيضا يلزمه دخول اللام الفارقة على جزء الجملة الخبرية الثاني، والمعروف دخولها على الأوّل كما في حواشي التسهيل. قوله: (حافظ رقيب) الحافظ الكاتب أو مطلق الملائكة الحفظة أو الله إلا أنّ قول المصنف بعد. فلا يملي على حافظه إلا ما يسره يدل على أنّ المراد الأوّل، وقوله: فإنّ هي المخففة الخ هذا على أحد المذهبين المشهورين فيها وقيل: إنها نافية واللام بمعنى إلا قال أبو حيان وهي لغة لهذيل نقلها الأخفش. قوله: (على أنها) أي لما المشددة بمعنى إلا الاستثنائية وأنكره الجوهريّ، ورده غيره بأنه لغة لبعض العرب ثابتة، وقال الرضي: لا تجيء إلا بعد نفي ظاهر أو مقدر ولا يكون إلا في المفرغ فالخبر هنا محذوف والتقدير ما كل نفس كائنة في حال من الأحوال إلا في حال أن يكون عليها حافظ ورقيب، وقوله على الوجهين لأنّ القسم كما يتلقى بأن المؤكدة يتلقى بأن النافية كثيرا كما قرّر في النحو وكل على هذا مؤكدة لأنّ نفس حينئذ نكرة في سياق النفي فتعم. قوله: (لما ذكر الخ الأنه إشارة إلى تفرع هذا على ما قبله وتوجيه لاقترانه بالفاء وليست فصيحة، وقوله: إلا ما يسره ضمير المفعول للإنسان أي ما يسر الإنسان إذا رآه وقت نشر الصحف كما قيل: وأخجلني وصحائفي سود غدا وتطلعي فيها شبيه القاري
أو هو للحافظ لأنه قيل: إنه تسوءه السيئات في وقت الكتابة ويود انها لم تكن والأوّل أظهر. قوله: (جواب الاستفهام) وإن تعلق بقوله: فلينظر لأنّ المراد أنه في صورة الجواب فلا وجه لما قيل إنه على هذا غير متعلق به أو يقدر استفهام آخر قيل وفيه دليل على مذهب المتكلمين من أنّ الإنسان اسم لهذا الجسم