وروى حبيش بن عبد الله الصنعاني، عن ابن عباس أن ناساً من حِمْير أتوا النبي ﷺ يسألونه عن أشياء، فقال رجل منهم: يا رسول الله: إني رجل أحب النساء، فكيف ترى في ذلك؟ فأنزل الله تعالى في سورة البقرة بيان ما سألوا عنه، فأنزل فيما سأل عنه الرجل: ﴿نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُمْ فَأتُوا حَرثَكُمْ أَنَّى شِئتُمْ﴾، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُقْبِلةً وَمُدْبِرةً إِذا كان في الفرج). ﴿وَقَدمِوُاْ لأَنفُسِكم﴾ الخير، وهو قول السدي. والثاني: وقدموا لأنفسكم ذكر الله عز وجل عند الجماع، وهو قول ابن عباس.
﴿ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم﴾ قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ﴾ أما العرضة في كلام العرب، فهي القوة والشدة، وفيها ها هنا تأويلان: أحدهما: أن تحلف بالله تعالى في كل حق وباطل، فتتبذل اسمه، وتجعله عُرضة. والثاني: أن معنى عُرضة، أي علة يتعلل بها في بِرّه، وفيها وجهان: أحدهما: أن يمتنع من فعل الخير والإصلاح بين الناس إذا سئل، فيقول عليّ يمين أن لا أفعل ذلك، أو يحلف بالله في الحال فيعتلّ في ترك الخير باليمين، وهذا قول طاووس، وقتادة، والضحاك، وسعيد بن جبير. والثاني: أن يحلف بالله ليفعلن الخير والبر، فيقصد في فعله البر في يمينه، لا الرغبة في فعله.


الصفحة التالية
Icon