سورة الأنعام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قال أبو إِسحاق: بلغني مِنْ حَيث أثق بِه أن سورةَ الأنعام نزلتْ كلها
جملة واحدة، نزل بها سبعون ألف ملك لهم زَجَل بالتسبيح، وأن أكثرها
احتجاج على مشركي العرب. على من كذَب بالبعث والنشور، فابتدأ اللَّه
عزَّ وجلَّ بحمده فقال:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)
فذكر أعظم الأشياء المخلوقة لأن السماءَ بغير عمد ترونها والأرض
غيرُ مائِدةٍ بنا، ثم ذكر الظلُماتِ والنورَ، وذكَر أمرَ الليل والنهار، وهو مما به قِوَامُ الخَلق، فأعلمَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أن هذه خَلْق له، وأن خالقها لا شيءَ مثْلُه.
وأعلم مع ذلك أن الذين كفروا بِرَبهِم يَعدِلونَ، أي يجعلون لِلَّهِ عَدِيلاً.
فيعبدون الحجارة المَوَاتَ، وهم يُقرون أنَّ الله خَالِق مَا وَصف، ثم أعلمهم
اللَّه عزَّ وجلَّ أنه خَلَقهم مِنْ طِين، وذكر في غَيرِ هذا المَوْضع أحوالَ
المخلوقين في النُطَفِ والعَلَقِ والمُضَغِ المخَلَّقَةِ وَغَيرِ المخَلَّقَةِ، وذلك أن
المشركين شَكوا في البعث وقالوا: (مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)
فأعلمهم


الصفحة التالية
Icon