فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلٍ؛ بَرِّهَا (١) وَفَاجِرِهَا، وَرَطْبِهَا وَيَابِسِهَا» (٢).
فَثَبَتَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بُطْلَانُ مَذْهَبِ القَدَرِيَّةِ - وَمَنْ وَافَقَهُمْ -.
وَفِي الحَدِيثِ: «القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ» (٣).
وَهَذَا أَوَانُ الشُّرُوعِ فِي المُرَادِ، وَعَلَى اللهِ الهِدَايَةُ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ.
أَمَّا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ (٤)؛ فَـ (المَحْوُ): ذَهَابُ أَثَرِ الكِتَابَةِ، يُقَالُ: (مَحَاهُ يَمْحُوهُ مَحْوًا)، إِذَا ذَهَبَ أَثَرُهُ، كَذَا فِي «تَفْسِيرِ ابْنِ عَادِلٍ» (٥)، وَ (يُثْبِتُ) قَرَأَهُ أَبُو
(٢) أَخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» (٨/ ٣٦٦ - ٣٦٧)، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي «العَظَمَةِ» (٢/ ٥٩٠) دُونَ ذِكْرِ: «بَرِّهَا وَفَاجِرِهَا، وَرَطْبِهَا وَيَابِسِهَا»، وَضَعَّفَ إِسْنَادَهُ رِضَاءُ اللهِ المُبَارَكْفُورِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الكِتَابِ، وَأَوْرَدَ فِي الحَاشِيَةِ - أَيْضًا - رِوَايَاتٍ لِلْحَدِيثِ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى إِسْنَادُهَا حَسَنٌ، فَلْتُنْظرْ - لِمَزِيدِ بَيَانٍ -.
(٣) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٤٦٩١)، وَأَحْمَدُ (٢/ ٨٦و١٢٥)، وابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي «السُّنَّةِ» (١/ ١٤٩)، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ فِي «ظِلَالِ الجَنَّةِ» (١/ ١٤٩ - ١٥٠) بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ.
(٤) سُورَةُ (الرَّعْدِ)، آيَة (٣٩).
(٥) انْظُرْ «تَفْسِيرَ ابْنِ عَادِلٍ» (١١/ ٣٢٠)، وَهُوَ: أَبُو حَفْصٍ، سِرَاجُ الدِّينِ، عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَادِلٍ الحَنْبَلِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، صَاحِبُ التَّفْسِيرِ الكَبِيرِ «اللُّبابِ فِي عُلُومِ الكِتَابِ»، تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَةِ (٨٨٠هـ)، انْظُرِ «الأَعْلاَمَ» لِلزِّرِكْلِيِّ (٥/ ٥٨).