سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام
[السورة مكية بإجماع*]. ابن عطية.
[اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ... (١) *]
قال ابن [مسعود*]: هي والكهف، ومريم، وطه من [العتاق*] الأول؛ لأن فعل الخطأ غير مقصود، الثاني المتصل تقتضي تكليف الفصل، إشارة إلى أنه طالب له؛ كقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ)؛ أي طالب عليكم، فحيثما مررتم به حالة تفرون؛ فكذلك الحساب طالب للاقتراب.
قوله تعالى: (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).
ولم يقل: في إعراض غافلون، فعادتهم يجيبون بأن الغفلة أعم من الإعراض، والظرف أوسع من المظروف، فناسب أن تجعل الغفلة [ظرفا*] أو بينهما عموم وخصوص من وجه دون وجه لأنهما يشتركان في عدم الاهتداء، ويتنافيان في الذكر والمعارض ذاكر للشيء وتارك، [والغافل غير ذاكر*].
قوله تعالى: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ... (٢)﴾
قيل لابن عرفة: ما أفاد قوله (مُحْدَثٍ)؟ فقال: [سرعة إعراضهم*] عنه [بنفي*] نزوله؛ مع أن القول أول ما يسمع تتشوق النفس إليه وتقبله؛ بخلاف ما إذا تكرر.
ولذلك قال الشاطبي في القرآن: [وَتَرْدَادُهُ يَزْدَادُ فِيهِ تَجَمُّلاً*] ولا فرق عند أهل السنة بين [المحدث والحادث*]، وفرق المعتزلة بينهما وفسر الإحداث إما باعتبار نزولها وهو إشارة إلى أنه معجز باعتبار الحروف الدالة عليه وهي محدثة، وإما أن يراد بالذكر نفس الذاكر وهو الرسول.
قوله تعالى: (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ).
ولم يقل: يسمعوه؛ لأن استمع أخص؛ إذ الاستماع يقتضي القصد إلى السماع، فإذا أعرضوا عنه بعد قصدهم استماعه فأحرى أن يعرضوا عنه إذا استمعوه من غير قصد إلى استماعه.
قوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ... (٣)﴾
إن قلت: ما أفاد قوله تعالى: (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)؟ قلنا: إعراضهم عنه بالظاهر والباطل أعني بالفصل والنية، فهو إشارة إلى تجانبهم بقوتهم العلمية والعملية.
قوله تعالى: (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى).


الصفحة التالية
Icon