سُورَةُ الْمُؤْمِنِينَ
وقوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)
قال الزمخشري: هو حرف توقع.
قال ابن عرفة: هذه عبارة المتقدمين والمتأخرون، يقولون إنها حرف تحقيق مع الماضي ولا ينافي ذلك أنها مع المضارع للتوقع، قال: وتارة يكون التوقع صادقا، وتارة يكون كاذبا، وذلك أن القائل: يقوم زيد هو على أربعة أقسام:
تارة باقي حرف التوقع، والقيام متوقع عند الناس عنه، لكن لم يقع في الخارج، وتارة يكون القيام متوقعا عند النَّاس، ويقع مدلوله في الخارج ولا يأتي المتكلم بحرف التوقع فهذه ثلاثة أقسام: المتوقع فيها صادق، وبقي قسم رابع: وهو إتيانه بحرف التوقع حاله كون القيام غير متوقع عند النَّاس، ولكنه يقع في المستقبل على حسب ما أخبر به، فهل هذا توقع صادق؟ أو مطروق فيه نظر، واللغو هو الكلام الذي لَا فائدة فيه.
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)﴾
قال الإمام الغزالي: الخشوع في الصلاة واجب وإلا جرى تحصيل ما يراه الدين خاصة، وأما القبول والثواب فأمر آخر.
ابن عرفة: وهذا على خلاف الأصوليين في هل هي موافقة؟ ويراه الذمة والجروح من العهدة.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥)﴾
وقيل: أي مانعون، وقيل: أي: [عافون*].
ابن عرفة: وتقدم لما خصه أنه يلزم عليه أن يكون المعنى مخصوص كقولك: قصرت المال على الصدقة أي خصصته، فالمراد: (وَالَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِم أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم) فإنهم لَا يخصونهم بذلك فيلزم نقيض المطلوب.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩)﴾
قال ابن عرفة: ترتيب هذه المعطوفات بدني، والخشوع في الصلاة أمر قلبي، والقلب أشرف ما في الإنسان، واللغو من أفعال اللسان، وهو ترجمان عن القلب،


الصفحة التالية
Icon