سُورَةُ الْفُرْقَانِ
قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ... (١)﴾
قال ابن عرفة: كلام أبي حيان يقتضي أن (تَبَارَكَ) مطاوع بارك، وكان بعضهم يرده بأن فعل المطاوعة [فاعله مغاير لفاعل فعله الأصلى*]، مثل: كسرته فانكسر، فالفاعل منها مختلف وهو هنا متحد، مثل: علا فتعالى، وقال: وأجيب: بأنه مختلف باعتبار اعتقاد المعتقد لَا باعتبار ما في نفس الأمر.
قوله تعالى: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... (٢)﴾
وجه مناسبتها لما قبلها أن تنزيل الفرقان عليه معجزة، منزل منزلته صدق عبدي، ومن شرط المرسِل أن يكون غنيا عن غيره موصوفا بالملك العام، والعزة عن الولد والشريك والإنصاف بالقدرة والإرادة.
قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً... (٣)﴾
إن قلت: كيف هذا وقد قالوا: (هَؤُلاءِ شفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، فالجواب بوجهين:
الأول: من شرط الإله اختصاصه بالعبادة، فإذا شارك معه غيره فيها فكأنهم عبدوا شريكه من دونه.
الثاني: أن ذكر الذين شركوه معه فيه عبدوا [... ] فيه من دون الله.
قوله تعالى: ﴿سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢)﴾
[التغيظ معنوي*]، هو غير مسموع، كأنهم لما عبدوا الأصنام واتبعوا الشيطان صاروا كأنهم ملكا لهم، فاحترس عن ذلك بقوله: (عِبَادِي)، بخلاف قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيْهِم سُلْطَانٌ)؛ لأنه إضافة تشريف.
قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا... (١٨)﴾
إن قلت: ما يفعل زيد كذا، نفيت الفعل، فإن قلت: ما كان لزيد أن يفعل كذا، نفيت القابلية للفعل، وإذا قلت: ما ينبغي له أن يفعل كذا، نفيت الفعل وجعلته محالا، وإذا قلت: ما كان ينبغي لزيد أن يفعل كذا، فهو أشد المحال وأبلغه، لأنك جعلت فعله كالمحال.