سُورَةُ الْجَاثِيَةِ
قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠)﴾
قال ابن عرفة: الإشارة إما إلى الإيمان والعمل الصالح، أو إلى إدخالهم في الرحمة، وكان بعضهم يرجح الثاني، بوصف الفوز، بقوله: (الْمُبِينُ) لأن حصول الفوز الأول مظنون وحصوله الثاني محقق.
قوله تعالى: ﴿فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (٣١)﴾
إن قلت: هلا قيل: فأجرمتم وكنتم قوما مستكبرين؟ فالجواب: الاستكبار أمر معنوي، والإجرام أمر فعلي حسي، فناسب التعبير عنه بالاسم المقتضي للثبوت.
قوله تعالى: ﴿إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢)﴾
قال الزمخشري: أصله [نَظُنُّ ظَنًّا*]، ومعناه إثبات الظن فقط؛ دخل حرف النفي والاستثناء ليفيد إثبات الظن ونفي ما سواه، ثم أكد نفي ما سوى الظن، بقوله تعالى: (بِمُسْتَيْقِنِينَ).
وقال أبو حيان: لَا يجوز أن تقول: ما ضرب إلا ضربا لعدم الفائدة، وأجابوا بثلاثة [أوجه*]:
أحدها: أنه على حذف الصفة، أي إلا ظنا ضعيفا.
ابن عرفة: وأول ما ورد في مختصر أبي حيان [... ] أبو الفضل ابن أبي مدين، فنظرنا فيه هذه المسألة.
فقال بعض نحاة التونسيين حينئذ: ما [**أصر] أحد على منع هذا، وكتاب سيبويه والفارسي وأبي [... ] وابن عصفور وغيرهم [لم أرَ*] أحدا منهم منع أن يقال: ما ضرب إلا ضربا، وعلى تقدير تسليم هذا فإنما ذلك في الماضي لوقوعه على صفة واحدة وانقطعت بحيث لَا يعلم لها التغيير، وأما المضارع فيكون تغييره وتبدل صفة المقدرة الوجود لعدم. [... ] فيتطرق إليه الاختلاف والتنويع، فلما [كرر*] أفادنا كفرهم أنهم لا