سُورَةُ (ن وَالْقَلَمِ)
[(ن وَالْقَلَمِ... (١) *] النون والقلم إن فسرناه بالمعهودين، ليس منحصرا صدوره من القلم، بل بإيجاد الله تعالى أو بواسطة أداة غير القلم لم يقدم القلم على النون.
قوله تعالى: ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢)﴾
انظر الزمخشري: ما اعترضه به أبو حيان وما أجاب به المختصر السفاقسي، وحاصله أن أبا حيان منع تسلط النفي على الشيء دون ما قيد به، والسفاقسي أجازه، والصواب أن يقال: إما أن يقدر ذلك القيد داخلا قبل النفي وبعده، فإن كان قبله لزم من نفي ما هو قيد فيه نفيه هو، وإن كان بعده فالقيد مثبت، والجنون [منفي*] أي ما أنت بسبب وجود نعمة ربك مجنون، فيكون قيدا في النفي، لَا في الجنون المنفي.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)﴾
الإتيان بلفظ (على) إشارة إلى حصول ذلك له دون [تكلف*]، وهذا إشارة إلى شدة جهلهم وغباوتهم؛ لأن الحق العظيم في غاية الجلاء والوضوح، فمن يكذب به في غاية الجهل والغباوة، قال عياض في الشفاء الخلق العظيم: قيل: هو القرآن، وقيل: الإسلام، وقيل: الطبع الكريم، وقيل: ليس لك همة إلا الله، قال الواسطي: أثنى عليه بحسن قبوله لما ابتدأه إليه من نعمه وفضله [بذلك*] على غيره، لأنه [جبله*] على [ذلك*] الخلق ثم أثنى على فاعله وجازاه عليه، ثم تلاه على قولهم بما وعده من عقباه وعقابهم بقوله تعالى: (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ)، ثم عطف بذم عدوه فقال تعالى (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ)، إلى قوله تعالى: (أسَاطِيرُ الأَوَّلينَ)، فذكر بضع عشرة خصلة من الذم [ختمت*] بتمام شقائه فقال تعالى (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ)، فكانت نصرة الله [له*] أتم من نصرته لنفسه.
قوله تعالى: ﴿فَسَتُبْصِرُ... (٥)﴾
عبر بالمسقبل مع أنه ﷺ عالم بذلك في الحال، لأن الخطاب بذلك عام في جميع النَّاس، وكل واحد لَا يدري بماذا يختم له من ضلال أو هداية.
قوله تعالى: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ... (٧)﴾
عبر بالماضي لما كان الضلال راسخا فيهم ذاتيا لهم، وكذلك أبقى الجملة مؤكدة بـ (إِنَّ) والباء.
قوله تعالى: (بِالْمُهْتَدِينَ).


الصفحة التالية
Icon