حَمْلِ واحدٍ من هذه المعاني على "الرُّقِيِّ" لما بَيّنَّاهُ، والله أعلم.
فصل
ومن أسرار هذه السورة أنَّه -سبحانه- جمع فيها لأوليائه بين جمال الظاهر والباطن؛ فَزَيَّنَ وجوهَهُم بالنَّضْرَة، وبواطنَهم بالنَّظَر إليه، فلا أَجْمَلَ لبواطنهم، ولا أنعم، ولا أحلى؛ من النَّظَر إليه. ولا أجمل لظواهرهم من نَضْرَةِ الوجه، وهي إشراقه وتحسينه وبهجته، وهذا كما قال في موضع آخر (١): ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١)﴾ [الإنسان: ١١].
ونظيره قوله تعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦]؛ فهذا جمال الظاهر وزينَتُهُ، ثُمَّ قال: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾؛ فهذا جمال الباطن وزينَتُهُ (٢).
ونظيره قوله -عزَّ وجلَّ-: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦)﴾ [الصافات: ٦]؛ فهذا جمال ظاهرها، ثُمَّ قال: ﴿وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (٧)﴾ [الصافات: ٧]؛ فهذا جمال باطنها.
ونظيره قوله عن امرأة العزيز بعد أن قالت ليوسف: ﴿اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾؛ فهذا جمال الظاهر (٣)، ثُمَّ وصَفَتْهُ بجمال باطنه وعِفَّتِه فقالت: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ [يوسف: ٣١ - ٣٢]
(١) ساقط من (ك).
(٢) ساقط من (ح) و (م).
(٣) "فهذا جمال الظاهر" ساقط من (ح) و (م).
(٢) ساقط من (ح) و (م).
(٣) "فهذا جمال الظاهر" ساقط من (ح) و (م).