فصل


وأقسَمَ -سبحانه- بهذه الأمور على المَعَاد والجزاء، فقال تعالى: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧)﴾ [الطور/ ٧].
ولمَّا كان الذي يقع قد يُمْكِنُ دَفْعُهُ أخبَر -سبحانه- أنَّه لا دافع له. وهذا يتناول أمرين:
أحدهما: أنَّهُ لا دافع لوقوعه.
والثاني: أنَّه لا دافع له إذا وقع.
ثمَّ ذكر -سبحانه- وقتَ وقوعه فقال: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠)﴾ [الطور/ ٩ - ١٠].
و"المَوْرُ": قد فُسِّر بالحركة، وفُسِّر بالدَّوَران، وفُسِّر بالتموُّج والاضطراب.
والتحقيقُ؛ أنَّه حركةٌ في تموجٍ، وتكفُّؤٍ، وذهابٍ، ومجيءٍ.
ولهذا فرَّق بين حركة السماء وحركة الجبال، فقال: ﴿وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠)﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (٣)﴾ [التكوير/ ٣]، فالجبالُ تسير من مكانٍ إلى مكانٍ، وأمَّا السماء فإنَّها تتكفَّأُ، وتتموَّجُ، وتذهبُ، وتجيءُ.
قال الجوهري (١): "مَارَ الشيءُ يَمُورُ مَوْرًا: تَرَهْيَأَ؛ أي: تحرَّك،
(١) هو أبو نَصْر، إسماعيل بن حمَّاد الجوهري، إمام اللغة، كان من أعاجيب الدنيا، أصله من "الفَارَاب" إحدى بلاد التُرك، أكثَرَ من مخالطة قبائل العرب =


الصفحة التالية
Icon