سورة الرعد
فيها آية واحدة من النسخ، قوله تعالى: ﴿وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب﴾ قالوا نسختها آية السيف.
قال القاضي ابن العربي:
قوله تعالى: ﴿فإنما عليك البلاغ﴾ حصر لكل ما ألزمه الله فيهم ومعهم، لأن كلمة إنما للحصر كما بيناه في غير موضع من (شرح الحديث والأحكام) وهي مقتضية لنفي ما ليس عليه وإثبات ما عليه: تقول العرب إنما الكريم يوسف وإنما الشجاع عنتر إثباتا لكرمهما وشجاعتهما ونفي ما عداهما إما على الأصالة وإما على الكمال. وعبارة أهل سمر قند فيها: إنها لتحقيق المتصل وتمحيق المنفصل. كأنه قال: إن البلاغ عليك ما عليك غير البلاغ فطال الكلام مجمعا في وصل واحد وربط بالجملة فقوي المعنى على المراد، وأفاد من ذلك ما افاد، فنسخ هذا النفي من غير البلاغ آية السيف وصار المعنى عليك البلاغ وغيره من الإلزام والإلجاء والإكراه واستخراج ذلك بالسيف، وقوله تعالى: ﴿وعلينا الحساب﴾ كلمة صحيحة المعنى لم يتطرق إليها نفي ولا دخلها نسخ، قال تعالى: ﴿ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء﴾ قالوا يريد بالحساب الجزاء، وبناء، (ح، س، ب) للعدد في أصالة الوضع ومقتضي الاشتقاق، تقول حسبت أي (ظننت فإنه يعد ما) حصل له من العلم أو الاعتقاد، وحسبت بمعنى قدرت وهي تعديد وحاسبت أي عددت ماله وما عليه، وفلان حسيب لأنه يعدد مآثره، والجزاء حساب لأنه تعد أعماله ويركب عليها ثواب.