القول في سورة (ن)
﴿ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ﴾ (١) [القلم: ١] يعني الملائكة الكرام الكاتبين والسفرة الكرام البررة.
﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (٧) [القلم: ٧] لأنه الذي خلق ضلالهم وهداهم، ألا يعلم من خلق.
﴿إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ﴾ (١٧) [القلم:
١٧] الآيات يحتج بهذه القصة على ما يذكره الفقهاء من المعاقبة بنقيض القصد، كالقاتل مورثه يمنع الإرث، والمطلق زوجته في مرض موته تورث منه، والفار من الزكاة بحيلة لا تسقط عنه؛ لأن أصحاب الجنة قصدوا حرمان المساكين فحرموا.
﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ (٤٢) [القلم: ٤٢] اختلف في الساق؛ فعند المحدثين ومن تابعهم: هي صفة لله-عز وجل-يكشف عنها يوم القيامة، فيسجد لها المؤمنون. وجاء في الحديث: «فيكشف عن ساقه فيخرون سجدا» (١) وعند غيرهم أن ذلك تجسيم، فتأولوه على شده الأمر ذلك اليوم، كما يقال:
كشفت الحرب عن ساقها، وقامت الحرب بنا على ساق.
... … وإن شمرت يوما له الحرب شمرا
[قالوا: وما ذهب إليه/ [٢٠٧ ب/م] المحدثون لا يستقيم إلا على رأي الاتحادية، وهو أن الله-عز وجل-يظهر بمظاهر الأجسام، فحينئذ يصح أن يكون له ساق يكشفها].
وأجاب المحدثون: بأن هذا إنما يلزمنا أن لو أثبتنا الساق جارحة جسمانية، ونحن إنما تثبتها صفة لله-عز وجل-على ما يليق به، ولا يلزمه منه نقص بوجه، وهكذا قولهم في سائر نصوص الصفات، كما سبق.
﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ (٤٨) [القلم:
٤٨] الآيتين، يعني ذا النون، وهو يونس بن متى-عليه السّلام-فيقال: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما نزلت هذه الآية؛ قال: «لا تفضلوني على يونس؛ من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد