٣ - قال مجاهد: (أهل الكتاب). يعني هم المقصود بالذين من قبلكم.
٤ - قال قتادة: (كتب شهرُ رمضان على الناس، كما كُتب على الذين من قبلهم. قال: وقد كتب الله على الناس قبل أن ينزل رمضانُ صَوْمَ ثلاثة أيام من كل شهر).
٥ - وروي عن معاذ وابن مسعود: (أن الصيام كان أولًا كما كان عليه الأمم قبلنا من كل شهرٍ ثلاثةُ أيام).
قال الضحاك: (لم يزل هذا مشروعًا من زمان نوح إلى أن نسخ الله ذلك بصيام شهر رمضان).
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
ترجّ في حقهم. وفيه عندي أربعة تفاسير:
الأول: لعلكم تضعفون. فكلما قل الأكل ضعفت الشهوة وقلت المعصية.
ففي صحيح مسلم من حديث ابن مسعود: [يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء] (١).
الثاني: لتتقوا المعاصي والوقوع بها أثناء صومكم، فيَستفيد المتقون من ذلك دائمًا.
الثالث: قيل بل المعنى: لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه. قال ابن جرير: يقول: (فرضت عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين، لتتقوا ما يُفطركم في وقت صومكم). ثم ذكر قول السدي: (يقول: فتتقون من الطعام والشراب والنساء مثل ما اتقوا - يعني: مثل الذي اتقى النصارى من قبلكم).
الرابع: قيل بل هي على العموم، فإن التقوى لا حدود لها، ولا لآفاقها.
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، فإذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم، مرتين. والذي نفس محمد بيده، لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (١٩٠٥)، وأخرجه مسلم (١٤٠٠)، ورواه أحمد في المسند (١/ ٣٧٨)، وأصحاب السنن.


الصفحة التالية