الآية (١)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [سبأ: ١].
* * *
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ حَمِدَ تَعَالَى نَفْسَهُ بِذَلِكَ، وَالمُرَادُ بِهِ الثَناءُ بِمَضْمُونِهِ مِنْ ثُبُوتِ الحْمْدِ، وَهُوَ الْوَصْفُ بِالجْمِيلِ للهِ تَعالَى].
وقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾: (أل) يَقول العُلَماءُ رَحَمَهُم اللَّهُ: إنها للاسْتِغراق؛ أي: كلُّ حَمْدٍ، و (أل) الَّتي للاستِغراق هي التي محل محَلَّها (كلٌّ) مِثْل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ٢] أي: كلُّ إنسان لَفِي خُسْر، وقوله تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٢٨]، أي: كلُّ إنسان، فمَعناها: أنَّ كلَّ حَمْدٍ فهو لله تعالى، واللَّام هنا للاستِحْقاق والاختِصاص؛ للاستِحْقاق لأنَّه لا أحَدَ يَستَحِقُّ أن يُحمَد لِذاته إلَّا الله عَزَّ وَجَلَّ، والاختِصاص لأنَّ الحَمْد المُستَغرِق لكُلِّ المَحامِد لا يَكون إلَّا لله عَزَّ وَجَلَّ.
يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [حَمِدَ تَعالى نَفْسَه بِذَلِكَ] يَعنِي: حَمِدَ الله تعالى نَفْسَه بهذا الوصفِ الذي هو الحَمْد [والمُراد به الثَّناء بمَضمونه من ثبوت الحَمْد]؛ يَعنِي: ليس هذا تَجديدًا لحَمْد الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، ولكنه ثَناءٌ على الله تعالى بمَضمون الحَمْد [وَهُوَ الوَصْفُ بِالجمِيلِ للهِ تَعَالَى]، ولو قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: الوَصْف بالكَمال لكان أعَمَّ، فالحمْدُ وَصْفُ المَحمود بالكَمال. هذا الحَمدُ، فإن كُرِّر وَصْفه بالكَمال صار ثَناءً؛