الآيات (٢٤ - ٢٦)
* * *
* قالَ الله -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ﴾ [سبأ: ٢٤].
* * *
قوله تعالى: ﴿مَنْ﴾ اسمُ استِفْهام، والمُراد به التَّحدِّي، تَحدِّي هَؤلاءِ المُشرِكين الذين يَعبُدون مع الله غيره، وهل هذه الأَصنامُ تَرزُقهم من السَّموات والأرض؟
الجوابُ: لا، ولكن الذي يَرزُق هو الله تعالى، فيَتَحدَّاهم بالسُّؤال: ﴿مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.
وقوله تعالى: ﴿مِنَ السَّمَاوَاتِ﴾: (مِنْ) لابتِداء الغاية؛ أي: أنَّ الرِّزق يَأتي من السَّمَوات، والرِّزق بمعنى: العَطاء، فما هو الرِّزق من السَّموات؟ قال المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [بالمَطَر]، فإنَّ المَطَر رِزقٌ يَنزِل إلى الأرض فتَنبُت، وأمَّا الرِّزْق من الأَرْض فأَمْره ظاهِر ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩]، ثُمَّ إننا نَقول بأنَّ الرِّزق من السَّمَوات أشمَلُ من المَطَر؛ فإن السَّمَوات يَنزِل منها المطَر وَينزِل منها المَنُّ والسَّلْوى، وربما نَقول: إنَّ الطُّيور في جَوِّ السماء أنَّها من رِزْق السماء؛ لأنَّها تَأتِي من فَوقُ، فكُلُّ ما يَأتي مِن فَوقُ فإنَّه يَصدُق عليه أنه رِزقٌ من السَّمَوات.


الصفحة التالية
Icon