الآية (٤٩)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ [سبا: ٤٩].
* * *
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [الْإِسْلَامُ]، والإسلام لا شَكَّ أنَّه دِين الحقِّ؛ وأنه سيَعلو على جميع الأديان، كما قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [الصف: ٩]، ولو أن المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ عمَّمَ، وقال: جاءَ الحقُّ. أي: كلُّ ما أَخبَرَ به الرسول - ﷺ - وما جاء به مِن أحكامٍ فهو حَقٌّ.
قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [﴿وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ﴾ الْكُفْرُ ﴿وَمَا يُعِيدُ﴾ أَيْ: لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثرٌ] هذه الجُملةُ: ﴿وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ أو (ما يُبدِئُ فُلانٌ وما يُعيدُ) أُسلوب من أساليب العرَب، كِناية عن هَلاك هذا الشيءِ، وعدَم وُجوده؛ لأنَّ الذي لا يُبدِئ يَعنِي: لا يَأتي بالشيء ابتِداءً، ولا يُعيد ما صنَعَه أوَّلًا، هذا غيرُ مَوْجود في الواقِع، ما له حِراك، فهو مَوجودٌ كالهالِك.
والمَعنَى: ﴿وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ﴾ أي: ما يَتبيَّن ابتِداءً ﴿وَمَا يُعِيدُ﴾ ما يَتبَيَّن إعادةً، فهو إذَنْ هالِك لا أثَرَ له، لا ابتِداءً، ولا إعادةً، فإذا كان الحقُّ قد جاء، والباطِل ما يُبدِئ ولا يُعيد، فمَعناها أن الدَّوْلة ستكون للحَقِّ لما جاء به النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وإن كذَّبوه.
قوله تعالى: ﴿الْبَاطِلُ﴾ إن كان في الأَخْبار فهو الكذِب، وإن كان في الأَحْكام