الآية (٧)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ [الشعراء: ٧].
* * *
قال اللهُ تعالَى مُبِّينًا دليلًا واضحًا عَلَى آياتِه: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾، يقول المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ ينظروا ﴿إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا﴾ أي: كثيرًا ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ نَوْعٍ حَسَنٍ]. ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ يعني: هَؤُلَاءِ المكذِّبُون. و ﴿يَرَوْا﴾ يقول المُفسَّر: (ينظروا)، فجعلها من الرُّؤْيَة الحِسِّيَّة، لا من الرؤية العِلمية، ولكن نقول: إنها تَحتمِل المعنيينِ؛ الرؤية الحِسِّيَّة: إذا نظر بعينه هو، والعلميَّة: إذا علِم بذلك من غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هناك أشياءَ لا نَعْلَمُها ممَّا يَنْبُتُ فِي الأرضِ، يعني: لا نراها ولكنَّنا نُخبَر بها، فالأَوْلَى أن يُقالَ: إنه شاملٌ للنظرِ بالعَيْنِ، والنظرِ بالقلبِ الَّذِي هُوَ العِلْمُ.
قال تعالى: ﴿إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا﴾ يقول المُفسِّر: (أي كثيرًا)، و (كثيرًا) هَذِهِ تفسيرٌ لـ (كم)، يعني أن (كم) هنا تكثيريَّة، المَعْنى: كثيرًا أَنبتنا فيها، مثل قوله تعالَى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤٩]، أي: كثيرًا تَغْلِب الفئةُ القليلةُ الفئةَ الكثيرةَ.
وقوله: ﴿كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ أضافَ الإنباتَ إليه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَنَّهُ هُوَ الفاعل حقيقةً، وإذا أُضيفَ الإنباتُ إِلَى المطرِ فإنَّما ذلك لِأَنَّهُ سببٌ.


الصفحة التالية
Icon