الآيتان (١٠، ١١)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ﴾ [الشعراء: ١٠ - ١١].
* * *
يُكْثِرُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي القُرآنِ الكريمِ مِن ذِكْرِ قِصَّة مُوسَى، وما جَرَى له معَ فِرْعَوْن ومعَ بني إِسْرَائِيلَ؛ وذلك ليستعدَّ النبيُّ - ﷺ - لليَهُودِ الَّذين فِي المدينةِ؛ حَتَّى يَعرِفَ مِن أَمْرِهِم ما لم يكنْ معروفًا عندَه، ولهذا كَانَ الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذا بَعَثَ أحدًا أَخبره بكَلامِ اليَهودِ له، ثم قال لمعاذٍ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ" (١)؛ لِيَسْتَعِدَّ لهم، وقد كرَّر الله تعالى قِصّة مُوسَى مختصرةً ومبسوطةً لهذا الغرضِ؛ لِيُبَيِّنَ حالَ هَؤُلَاءِ اليَهودِ الَّذين هم من سكَّان دار الهِجرة.
وقد بدأ الله تعالى بذِكر قصصِ الأَنْبياءِ مقدِّمًا ذِكْرَ قصة مُوسَى؛ لِطُولها ولأهميتها بالنِّسبةِ لنبيِّه - ﷺ - فقال: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾؛ (إذ) هَذِهِ ظرفٌ، عاملُها محذوفٌ تقديرُه ما قَدَّرَهُ المُفسِّر: [﴿وَ﴾ اذْكُرْ يا محمدُ لقومِكَ ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى﴾ ليلةَ رَأَى النارَ والشَّجرةَ... ]، إِلَى آخِرِهِ.
قال: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى﴾ ناداه: أي: دعاهُ بصوتٍ مرتفِعٍ؛ لِأَنَّ النداءَ