الآية (١٨)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٨].
* * *
قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ذكر جَوابِ فِرْعَوْن لِمُوسَى: ﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾، قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿قَالَ﴾ فِرْعَوْن لمُوسَى ﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ﴾]، فِي الآيةِ إيجازٌ، والإيجازُ عندَ البلاغِيِّين مُنْقَسِمٌ إِلَى قسمينِ: إيجاز حَذْف، وإيجاز اختصارٍ، والموْجود هنا إيجازُ الحذفِ، ولهذا قَالَ: [فأَتَيَاهُ فقالَا لَهُ ما ذُكر ﴿قَالَ﴾ فِرْعَوْن لمُوسَى... ]، إِلَى آخره.
ومُوسَى لَمّا أدّى الرِّسالَةَ هُوَ وأخوه، قال فِرْعَوْن مجُيبًا لهذه الدعوة: [﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا﴾ فِي مَنازِلِنا ﴿وَلِيدًا﴾ صغيرًا قريبًا من الولادة بعد فِطامه]، هَذِهِ واحدة، ﴿وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ يعني: أفبعد هَذَا الأمر تأتي وتدّعي أنك رسول رب العالمين؟ ! ومَعْنى ذلك أَنَّهُ ينكر ربوبيَّة فِرْعَوْن، فكأنه يقول بعد هَذهِ الأمور الثلاثة: كَانَ الأليق بك أن تأتيَ معتذِرًا، وأن تأتيَ خاضعًا؛ لأنّنا مَنَنّا عليك، ولأنك أخطأتَ علينا.
والمنّة قَالَ: [﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا﴾ فِي منازلنا ﴿وَلِيدًا﴾ صغيرًا قريبًا من الولادة بعد فِطامه]، والقصة معروفة فِي سُورَة القَصَص، أن الله تعالى أوحى إِلَى أُمِّه إذا خافتْ عليه أن تجعله فِي تابوت، وتُلْقِيَه فِي اليَمِّ، وفعلتْ؛ إيمانًا منها بوعدِ اللهِ، ثم قدّر الله