الآية (٢٨)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٨].
* * *
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿قَالَ﴾ مُوسَى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾]، يعني: هُوَ ربُّ المشرِق والمغربِ، ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ﴾ لَيْسَ المُراد منْه الجِهة فقط، ولكن المُراد الجِهَة وما يَحْدُثُ فيها مِن شُروقِ الشَّمْسِ والقمرِ والنجومِ، وما إليها.
قال: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ وهذا كقولِ إِبْرَاهِيم للذي حَاجّه، قال إِبْرَاهِيم: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ﴾ [البقرة: ٢٥٨]، فكأنَّ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَدَلَ إِلَى أمرٍ ظاهرٍ بيِّن لا يُمْكِن المماراةُ فيه أبدًا؟ قَالَ: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ والذي بينهما وما يحدُث مِنَ السَّحاب والرِّياح وغيرِ ذلك، فهذا أمرٌ لا أحدَ يُنْكِره، ولهذا قال لهم: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾؛ لِأَنَّ هَذَا الأمرَ ظاهرٌ للعقلاءِ.
ثم فِي قوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ تَعريضٌ لهم كَرَدٍّ عَلَى قولهم: إنَّ رَسولَكم لمجنونٌ، كأنه يقول: المجنونُ مَن يُنْكِر هَذهِ الأشياءَ.
ولهذا قَالَ: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾، وفي قوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ من ظهورِ القوَّة مِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وأنه لم يَكْتَرِثْ بهم، فهو رجلٌ وحدَه أمامَ جَبّار عَنيد، وهذا


الصفحة التالية
Icon