الآية (٦٣)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ [الشعراء: ٦٣].
* * *
قال تعالى: ﴿أَنِ اضْرِبْ﴾ وهذه لا يَصْلُحُ فيها: (أَنْ أَضرِب)؛ لِأَنَّ (ضَرَبَ) لا يأتي رُبَاعِيًّا، ولهذا يجب كسرُ النونِ: ﴿أَنِ اضْرِبْ﴾، و (أَنْ) هَذِهِ تفسيرية.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ﴾ فَضَرَبَهُ ﴿فَانْفَلَقَ﴾]. تقديرُ المُفسِّرِ (فضربه) صحيحٌ؛ لِأَنَّ البحرَ لم يَنْفَلِقْ بمجرَّد الوحيِ، بل بالضَّرب، وفي قوله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ إشارة إِلَى أن مُوسَى - ﷺ - بادرَ بضربِ البحرِ، وأن البحرَ انفلقَ حالًا بدونِ تأخُّر.
ومَعْنى ﴿فَانْفَلَقَ﴾ قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [فانشقَّ اثني عَشَرَ فِرقًا، ﴿فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ الجبل الضخم، بينهما مسالِكُ سَلَكُوها، لم يبتلَّ منها سَرْجُ الراكبِ ولا لِبْده].
يقول: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ﴾ وهذه العصا الَّتِي كَانَ يَحْمِلُها دائمًا يَتَوَكَّأ عليها، ويَهُشّ بِهَا عَلَى غَنَمِه، وله فيها مآرِبُ، فتكون هَذِهِ العصا فيها مصالحُ عظيمةٌ، وفيها من آياتِ اللهِ ثلاثُ آياتٍ، هَذِهِ إحداها.
والثَّانية: الثُّعبان، أَنَّهُ إذا ألقاها صارتْ ثعبانًا مُبينًا.


الصفحة التالية
Icon