الآية (٧١)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾ [الشعراء: ٧١].
* * *
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [﴿قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا﴾ صَرَّحُوا بالفعلِ؛ لِيَعْطِفُوا عليه: ﴿فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾]، (أَصْنَامًا) جمع صنمٍ، والمُرادُ بالصنمِ كلُّ ما اتُّخِذَ إلهًا معَ اللهِ، سواءً كَانَ شجرًا أو حَجَرًا، أم غيرَهما، ولكن هل يُشْتَرَطُ أن يكونَ منصوبًا؟
الظَّاهرُ عدمُ اشتراطِهِ وأنه لَيْسَ شرطًا، وأنه قد لا يكونُ منصوبًا، فقد يكون مَبْطُوحًا ومُضْجَعًا، وغيرَ قائمٍ.
وقول المُفسِّر: [صرَّحوا بالفعل لِيَعْطِفُوا عليه ﴿فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾]. هَذِهِ مناسَبَةٌ لَفْظِيَّةٌ قد تكونُ مقصودةً وقد لا تكون مقصودةً. قد يقول قائل: لو قالوا: (أصنامًا فنظل)، لكان المَعْنى مُستقيمًا، ولا حاجة إِلَى ذِكر الجُملةِ ليعطفَ عليها؛ لأننا نرى أَنَّهُ تأتي أحيانًا جُملٌ عُطِفَ عليها جُمل وهي محذوفةٌ، مثل: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا﴾ [الروم: ٩]، ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ﴾ [السجدة: ٢٦]، عَلَى أحد الوجهينِ.
ولكن الصَّحيح أَنَّهُم صَرَّحُوا بالفعل؛ إظهارًا لِفِعْلِهِمْ كأنَّهم يَفْتَخِرون به، يعني: يُحَقِّقون العبادة ويفخَرون بعبادتهم؛ لِأَنَّ التصريحَ بالعبادةِ للمعبودِ تدلُّ عَلَى أن الْإِنْسَان فخورٌ بها: قالوا: ﴿نَعْبُدُ أَصْنَامًا﴾، يعني: فهم أظهروها تأكيدًا وافتخارًا بها، هَذَا الَّذِي لا شكَّ فيه، وأمَّا لأجلِ العطفِ فهذا العطفُ نقول:


الصفحة التالية
Icon