﴿وَالْيَتَامَى﴾ أي: المحتاجين منهم.
﴿وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ ولم يتعرضْ للسائلين والرقاب؛ إما اكتفاء بما ذكر في المواقع الأُخَرِ، وإما بناءً على دخولهم تحت عموم قوله - تعالى -:
﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ﴾ فإنه شاملٌ لكل خير واقعٍ، في أي مصرِفٍ كان.
﴿فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ فيوفّي ثوابَه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(تحت عموم إلخ) قال (ق):
" ﴿مَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ﴾ في معنى الشرط، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ جوابه (١)، أي: إن تفعلوا خيرا فإن الله يعلم كنهه (٢)، ويوفي ثوابه." (٣) أهـ
قال (ش):
" هي أي: ﴿مَا﴾ شرطية؛ لجزم الفعل، ولكن أصل الشرط: أن يؤدى بـ (إن) أو غيرها من
_________
= الخامس: ما ذكره الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٢/ ٣٨٢) نقلا عن القفال، ووضحه الإمام الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (٢/ ٣١٧) حيث قال ما ملخصه: " و (ماذا) اسْتِفْهَامٌ عَنِ الْمُنْفَقِ، وَمَعْنَاه: السُّؤَالُ عَنْ أَحْوَالِهِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا مَوْقِعَ الْقَبُولِ عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ حَقِيقَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي الْبَشَرِ، وَقَدْ عَرَفَهَا السَّائِلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانُوا يُنْفِقُونَ عَلَى الْأَهْلِ وَعَلَى النَّدَامَى وَيُنْفِقُونَ فِي الْمَيْسِرِ. فَسَأَلُوا فِي الْإِسْلَامِ عَنِ الْمُعْتَدِّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ، فَلِذَلِكَ طَابَقَ الْجَوَابُ السُّؤَالَ، إِذْ أُجِيبَ: ﴿قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾، فَجَاءَ بِبَيَانِ مَصَارِفِ الْإِنْفَاقِ الْحَقِّ، فَلَيْسَ فِي هَذَا الْجَوَابِ ارْتِكَابُ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ كَمَا قِيلَ، إِذْ لَا يُعْقَلُ أَنْ يَسْأَلُوا عَنِ الْمَالِ الْمُنْفَقِ، بِمَعْنَى: السُّؤَالِ عَنِ النَّوْعِ الَّذِي يُنْفَقُ مِنْ ذَهَبٍ أَمْ مِنْ وَرِقٍ أَمْ مِنْ طَعَامٍ، لِأَنَّ هَذَا لَا تَتَعَلَّقُ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ أَغْرَاضُ الْعُقَلَاءِ، فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ السُّؤَالَ عَنْ كَيْفِيَّاتِ الْإِنْفَاقِ وَمَوَاقِعِهِ، وَلَا يُرِيبُكُمْ فِي هَذَا أَنَّ السُّؤَالَ هُنَا وَقَعَ بِـ (مَا) وَهِيَ يَسْأَلُ بِهَا عَنِ الْجِنْسِ لَا عَنِ الْعَوَارِضِ، فَإِنَّ ذَلِكَ اصْطِلَاحٌ مَنْطِقِيٌّ لِتَقْرِيبِ مَا تَرْجَمُوهُ مِنْ تَقْسِيمَاتٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى اللُّغَةِ الْيُونَانِيَّةِ وَأَخَذَ بِهِ السَّكَّاكِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَحْفِلُ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَنْطِقِ، وَذَلِكَ لَا يَشْهَدُ لَهُ الِاسْتِعْمَالُ الْعَرَبِيُّ."
(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٢٨٨)، إعراب القرآن للنحاس (١/ ١٠٩)، مشكل إعراب القرآن (١/ ١٢٧) [لمكي بن أبي طالب ت: ٤٣٧ هـ، تحقيق: د. حاتم صالح الضامن، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط: الثانية، ١٤٠٥]، المحرر الوجيز (١/ ٢٨٩)، التبيان في إعراب القرآن (١/ ١٧٣)، تفسير القرطبي (٣/ ٣٧)، البحر المحيط (٢/ ٣٧٨)، الدر المصون (٢/ ٣٨٦).
(٢) الكُنْه: بالضم: جَوْهَرُ الشيءِ، وغايَتُه، وقَدْرُه، ووَقْتُه، ووجْهُه. ينظر: القاموس المحيط - فصل الكاف (١/ ١٢٥٢)، المعجم الوسيط - باب الكاف (٢/ ٨٠٢).
(٣) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٦).


الصفحة التالية
Icon