﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ بيانٌ لاستحكام عداوتهم، وإصرارِهم على الفتنة في الدين.
﴿حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ﴾ الحقِّ إلى دينهم الباطلِ.
وإضافةُ الدين إليهم؛ لتذكير تأكُّدِ ما بينهما من العلاقة الموجبةِ لامتناع الافتراق.
﴿إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ إشارةٌ إلى تصلُّبهم في الدين وثباتِ قدمِهم فيه، كأنه قيل: وأنى لهم ذلك؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله (١): (بهذين): أي: الإخراج والشرك اللذين فسر بهما الفتنة القاضي. (٢)
وفي (ز):
" جعل الإخراج فتنة؛ لأن الفتنة تطلق على الإيذاء والتعذيب وإصابة المحنة والبلاء (٣)، قال تعالى: ﴿فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ (٤)، ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ (٥).
والإخراج من الوطن وأسباب المعاش من أصعب المحن والبلايا.
وذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد: تعذيب الكفار المسلمين؛ لإسلامهم (٦)." (٧) أهـ
وظاهر المفسر: يخالف ما لـ (ع)، وما لـ (ع) هو الأظهر (٨).
(بيان لاستحكام إلخ) في (ق):
" ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ﴾ إخبار عن دوام عداوة الكفار لهم، وإنهم لا ينفكون عنها حتى يردوهم عن دينهم.
_________
(١) أي: الشهاب في عبارته السابقة.
(٢) يقصد: القاضي البيضاوي، ونص عبارته: " ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ أي: ما ترتكبونه من الإخراج والشرك أفظع مما ارتكبوه من قتل الحضرمي." (١/ ١٣٧).
(٣) ينظر: الوجوه والنظائر (١/ ٣٨٠)، نزهة الأعين النواظر (١/ ٤٧٨ - ٤٧٩).
(٤) سورة: العنكبوت، الآية: ١٠.
(٥) سورة: البروج، الآية: ١٠.
(٦) ينظر: المحرر الوجيز (١/ ٢٩٠)، مفاتيح الغيب (٦/ ٣٩١)، تفسير القرطبي (٣/ ٤٦)، البحر المحيط (٢/ ٣٩٠)، التحرير والتنوير (٢/ ٣٣٠).
(٧) حاشية زادة على البيضاوي (٢/ ٥٢١).
(٨) لأن الإمام أبا السعود اختار ما ذهب إليه الإمام البيضاوي من أن المراد بالفتنة: ما سبق من الأمور الأربعة، ومن القتل: قتل الحضرمي، وهو ما لم يرتضه الإمام عبد الحكيم، ورجح الشيخُ السقا رأيَ الإمام عبد الحكيم.