وقال الحسن: هذِه الآية منسوخة بالآية التي تلتها: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ إلى قوله: ﴿فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ فقاتلوا بمكّة فأصابهم الجوع والحصر (١).
وروى عبد الوهاب عن مجاهد ﴿وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ أي: وفي أصلابهم من يستغفر (٢). ثم قال: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ أي: وما يمنعهم من أن يُعذّبوا. وقيل: (أَنْ) زائدة (٣). ﴿وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ﴾ المؤمنون أين (٤) كانوا وحيث كانوا ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
٣٥ - قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾
هو الصفير، يقال: مَكَا يمكو مَكْوا ومُكاءً. وقال عنترة:
(٢) ذكره النحاس في "معاني القرآن" ٣/ ١٥١ عنه.
قال الطبري في "جامع البيان" ٩/ ٢٣٨: وأولى هذِه الأقوال عندي في ذلك بالصواب، قول من قال تأويله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ يا محمد، وبين أظهرهم مقيم، حتى أخرجك من بين أظهرهم، لأني لا أهلك قرية وفيها نبيها ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ من ذنوبهم وكفرهم، ولكنهم لا يستغفرون من ذلك، بل هم مصرون عليه، فهم للعذاب مستحقون.. ثم قيل: (وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام) بمعنى: وما شأنهم، وما يمنعهم أن يعذبهم الله وهم لا يستغفرون الله من كفرهم فيؤمنوا به، وهم يصدون المؤمنين بالله ورسوله عن المسجد الحرام.
(٣) انظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٦٣.
(٤) من (ت).