﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ بموتهم على الكفر.
وتأول بعضهم الاستغفار في هذِه الآية على الصلاة، فقال عطاء بن أبي رباح: ما كنت لأدع الصلاة على أحد من أهل هذِه القبلة، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا؛ لأني لم أسمع الله تعالى حجب الصلاة إلَّا عن المشركين بقوله ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ الآية (١).
ثم عذر خليله إبراهيم -عليه السلام- فقال عز من قائل:
١١٤ - ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾.
قال علي بن أبي طالب -عليه السلام-: لما أنزل الله -عزَّ وجلَّ-؛ خبرًا عن إبراهيم -عليه السلام- قَال ﴿قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (٤٧)﴾ (٢) سمعت رجلًا يستغفر لوالديه وهما مشركان، فقلت له: تستغفر لهما (٣) وهما مشركان؟ فقال: ألم يستغفر إبراهيم لأبيه؟ فأتيت النبي - ﷺ - فذكرت ذلك له، فأنزل الله -عزَّ وجلَّ- هذِه الآية، وأنزل قوله: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ (٤) الآية (٥).

(١) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١١/ ٤٤ من طريق جعفر بن برقان، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء.. به.
(٢) مريم: ٤٧.
(٣) في (ت): لوالديك.
(٤) الممتحنة: ٤.
(٥) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٣/ ٥٠٥ وعزاه للطيالسي، وابن أبي شيبة =


الصفحة التالية
Icon