١٧ - ﴿أَنْزَلَ﴾
يعني: الله سبحانه ﴿مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ يعني: المطر ﴿فَسَالَتْ﴾ من ذلك الماء ﴿أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ الكبير بقدره والصغير بقدره (١) ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ﴾ الذي حدث عند ذلك الماء ﴿زَبَدًا رَابِيًا﴾ عاليًا مرتفعًا فوق الماء، فأما الباقي الصافي النافع فهو الحق، والذاهب الزائل الباطل الذي يتعلق بالأشجار وجوانب الأودية والأنهار هو الباطل.
ويقال: إن هذا مثل القرآن ينزل من السماء فتحتمل منه القلوب حظها على قدر اليقين والشك، والعقل والجهل، فهذا أحد مثلي الحق والباطل.
والمثل الآخر: قوله تعالى: ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ﴾ قرأ حميد وابن محيصن وابن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي وحفص ﴿تُوقِدُونَ﴾ بالياء (٢). واختاره أبو عبيد؛ لقوله: ﴿يَنْفَعُ النَّاسَ﴾ قال: ولا مخاطبة هاهنا.
﴿ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ﴾ طلب زينة تتخذونها ﴿أَوْ مَتَاعٍ﴾ وهو: ما ينتفع به، وكل ما تمتعت به فهو متاع، قال المُشعث (٣):
وقاله ابن عباس، أخرجه ابن أبي حاتم وابن المنذر كما في "الدر المنثور" للسيوطي ٤/ ١٠٢.
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (٣٥٨)، "التيسير" للداني (١٣٣)، "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ٢/ ٢٢.
(٣) البيت لمشعث العامري، وهو في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٣٢٨، والطبري في "جامع البيان" ١٦/ ٤١٤، "لسان العرب" لابن منظور ٨/ ٣٢٩ (متع).