الفصل الرابع: التَّحْليلُ البَيَانيّ لكلمات وجمل وآيات السورة
***
بين يدي السَّفَر:
الذى يحسن إدراكه أنَّ البناء الكليّ سورة ينبثق من معايشته ومخادنته مزيجٌ من التصورات الفكرية والانفعالات القلبيّة والاشراقات الروحيَّة، وينتهى الاستغراق فى الترتيل المصحوب باليقين بقدسية البيان المفجّرِ تلك التّصورات والانفعالات والإشراقات إلى اكتساب توازنٍ نفسيّ وقلبيّ وروحىّ مشرق.
هذا التوازن ضرورة لإنجاز الرؤية النظرية لمعالم التحليل للسورة، فانَّ تلك الرؤية غير كافية للاقدام العَزْمِيّ على تحقيق ذلك التحليل واستثماره، ذلك أنَّ هذا التحقيق والإنجاز حمل ثقيل لا يصبرُ عليه الا مستغرِقٌ فِي لذة المخادنة ونوارنية الاشراق الروحيّ.
وهذا التوازن يعصم صاحبه من الذاتية الخالصة، لأنَّه توازنٌ موضوعيٌّ؛ لانبثاقِهِ من الاستغراق فى الترتيل الواعي المستبصر.
***
التحليل البيانى للسورة هو القادر على إضاءة السورة داخلياً فتشرق مضامين الهدى منها فى نفوسنا على نحو يحقق إكتساب أمرين:
الأول: المضمون التشريعي ببعديه: العقدي والسلوكي، والمضمون التثقيفى متوازيين أو متمازجين.
الأخر: القناعة والرضا القلبيّ المثمر زهدًا في كلّ ما يشغل عن التلذّذ بالعبودية لرب العالمين، فإنَّ لها لذة هي الثواب الحقيقيّ للإخلاص في كلّ طاعة مما يجعل ذائقها في الفردوس على الرغم من أنَّه قد يكون حنيئذٍ أشعث أغبر ذا طمرين مدفوعًا بالأبواب لايؤبه له.