سورة محمد
مدنية.
وهي ثمان وثلاثون آية، وخمسمائة وتسع وثلاثون كلمة، وألفان وثلاثمائة وتسعة وأربعون حرفا.
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٤٢٣
وقوله تعالى :﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ...
أول هذه السورة مناسب لآخر السورة المتقدمة.
والمراد بالذين كفروا قيل : هم الذين كانوا يطعمون الجيش يوم بدر، منهم أبو جهل والحارث بن هشام، وعبتة وشيبة ابنا ربيعة وغيرهم.
وقيل : كفار قريش.
وقيل : أهل الكتاب.
وقيل : كل كافر.
ومعنى صَدِّهِمْ عن سبيل الله، قيل : صدوا أنفسهم عن السَّبيل، ومنعوا عقولهم من اتِّباع الدليل.
وقيل : صدوا غيرهم وَمَنَعُوهُم.
قوله :﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ يجوز فيه الرفع على الابتداء والخبر الجملة من قوله :﴿أَعْمَالَهُمْ﴾ ويجوز نصبه على الاشتغال بفعل مقدر يفسره " أضل " من حيث المعنى، أي خَيَّبَ الَّذينَ كَفَرُوا.
قوله :﴿أَعْمَالَهُمْ﴾ أي أبطلها فلم يقبلها وأراد بالأعمال ما فعلوا من إطعام
٤٢٤
الطعام، وصلةِ الأرحام، قال الضحاك : أبطل كيدهم ومكرهم بالنبيِّ ـ ﷺ ـ وجعل الدائرة عليهم.
قوله :﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ يجوز فيه الوجهان المتقدمان، وتقدير الفعل :" رَحِمَ الَّذِينَ آمَنُوا ".
قوله :﴿وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ﴾ والعامة على بناء الفعل نزل للمفعول مشدداً، وزيد بن علي وابنُ مِقْسِم نَزَّلَ مبنيًّا للفاعل وهو اللهُ، والأعمش أُنْزِلض بهمزة التعدية مبنياً للمفعول.
وقرىء : نَزَلَ ثلاثياً مبنياً للفاعل.
قال سفيان الثوري : لم يخالفوه في شيء.
قال بان عباس :" الذين كفروا وصدوا " مشركُوا مكَّةَ والذين آمنوا وعملوا الصالحات الأَنْصَارُ.
قوله :﴿وَهُوَ الْحَقُّ﴾ جملة معترضة بين المبتدأ والخبر المفسَّر والمفسِّر.
قوله :﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ حالهم.
وتقدم تفسير " البال " في طه.
قال ابن عباس ـ (رضي الله عنه ـ) : معنى : أصلح، أي عَصَمَهُمْ أيَّامَ حَيَاتِهِمْ يعني أن هذا الإصلاحَ يعود إلَى صلاح أعمالهم حتَّى لا يَعْصُوا.
فصل قالت المعتزلة : تكفير السيئات مرتّب على الإيمان، والعمل الصالح، فمن آمن ولم يعمل صالحاً يبقى في العذاب خالداً.
والجواب : لو كان كما ذكرتم لكان الإضلال مرتباً على الكفر والصّد، فمن يكفر لا ينبغي أن تضل أعماله.
أو نقول : إن الله تعالى رتَّب أمرين فمن آمن كفر سيئاته، ومن عمل صالحاً أصلح باله.
أو نقول : أي مؤمنٍ يتصور غير آت بالصالحات بحيث لا يصدر عنه صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا طعام، وعلى هذا فقوله :" وعَملُوا " من عطف المسببِ على السبب كقول القائل : أَكَلْتُ كَثِيراً وشَبِعْتُ.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله :" وآمنوا بما نُزّل على محمد " مع أن قوله :" آمنوا وعلموا الصلحات " أفاد هذا المعنى ؟.
فالجواب : من وجوه :
٤٢٥


الصفحة التالية
Icon