سورة المنافقون
مكية، وهي إحدى عشرة آية، ومائة وثمانون كلمة، وسبعمائة وستة وسبعون حرفا.
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٩٩
قوله تعالى :﴿إِذَا جَآءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾.
" إذا " : شرط، قيل : جوابه " قالوا ".
وقيل : محذوف، و " قالوا " : حال أي إذا جاءوك قائلين كيت وكيت فلا تقبل منهم.
وقيل : الجواب ﴿اتَّخَذُوا ااْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾، وهو بعيد، و " قالُوا " أيضاً : حال.
فصل في تعلق هذه السورة بالتي قبلها قال ابنُ الخطيب : وجه تعلقه هذه السورة بما قبلها هو أن تلك السورة مشتملةٌ على ذكر بعثه الرسول، وذكر من كان يُكذِّبهُ قلباً ولساناً فضرب لهم المثل بقوله :﴿مثلُ الذين حُمِّلوا التَّوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً﴾ [الجمعة : ٥].
١٠٠
وهذه السورة مشتملةٌ على ذكر من كان يكذِّبُ قلباً دون اللسان، ويصدقه لساناً دون القلب.
وأما تعلق الأول بالآخر، فلأن في آخر تلك السُّورة تنبيه للمؤمنين على تعظيم الرسول - عليه الصلاة والسلام - ورعايةِ حقِّه بعد النداء لصلاةِ الجمعةِ، وتقديم متابعته على غيره، فإنَّ ترك التعظيم والمتابعةِ من شيمِ المنافقين، والمنافقون هم الكاذبون.

فصل في نزول السورة.


روى البخاري عن زيد بن أرقم، قال :" كنت مع عمي فسمعتُ عبد الله بن أبيِّ ابْنَ سلول يقول :﴿لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ﴾، وقال :﴿لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾، فذكرتُ ذلك لعمي، فذكر عمي لرسول الله ﷺ، فأرسل رسول الله ﷺ إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فصدَّقهُمْ رسولُ الله ﷺ وكذَّبني فأصابَنِي همٌّ لمْ يُصبني مثلُه، فجلست في بيتي، فأنزل اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - :﴿إِذَا جَآءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ إلى قوله :﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ﴾، وقوله :﴿لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾، فأرسل إليَّ رسول الله ﷺ، ثم قال " إنَّ اللَّهَ قدْ صدقَكَ " وروى الترمذي عن زيد بن أرقم، قال :" غَزوْنَا مع رسول الله ﷺ وكان معنا أناسٌ من الأعراب، فكُنَّا نبدر الماء، أي : نقسمه، وكان الأعرابُ يسبقُوننا إلى الماء، فيسبق الأعرابي أصحابه، فيملأ الحوض، ويجعلُ حوله حجارة، ويجعلُ النِّطع عليه حتى يجيء أصحابه، قال : فأتى رجلٌ من الأنصار أعرابيّاً فأرخى زِمامَ ناقته لتِشرب، فأبَى أن يدعهُ، فانتزع حجراً ففاض الماءُ، فرفع الأعرابيُّ خشبة، فضرب بها رأس الأنصاريِّ فشجَّهُ، فأتى عبد الله بن أبي رأس المنافقين فأخبره - وكان من أصحابه - فغضب عبد الله بن أبي، ثم قال :﴿لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ﴾ من حوله، يعني : الأعراب، وكانوا يحضرون رسول الله ﷺ عند الطعام، فقال عبد الله : فإذا انفضوا من عند محمد فأتوا بالطعام فليأكل هو ومن عنده، ثم قال لأصحابه :﴿لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾.
قال زيد : وأنا ردف عمي، فسمعت عبد الله بن أبي، فأخبرت عمي، فانطلق، فأخبر رسول الله ﷺ فأرسل إليه رسول الله - ﷺ - فحلف وجحد قال : فصدَّقه رسول الله
١٠١


الصفحة التالية
Icon