سورة الإنسان
مكية، وهي إحدى وثلاثون آية، ومائتان وأربعون كلمة وألف وأربعمائة وخمسون حرفا.
قال ابن عباس ومقاتل والكلبي : هي مكية.
وقال الجمهور : مدنية.
وقيل : فيها مكي من قوله تعالى :﴿إنا نحن نزلنا عليك القرءان تنزيلا﴾ [الإنسان : ٢٣] إلى آخر السورة وما تقدمه مدني.
وذكر ابن وهب قال : وحدثنا ابن زيد قال : إن رسول الله ﷺ ليقرأ ﴿هل أتى على الإنسان حين من الدهر﴾ وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود كان يسأل النبي ﷺ فقال له عمر بن الخطاب : لا تثقل على النبي ﷺ فقال له دعه يا ابن الخطاب قال : فنزلت عليه هذه السورة وهو عنده، فلما قرأها عليه، وبلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه، فقال رسول الله ﷺ :"أخرج نفس صاحبكم _ أو أخيكم _ الشوق إلى الجنة".
وقال القشيري : إن هذه السورة نزلت في علي بن ابي طلب _ كرم الله وجهه _، والمقصود من السورة عام، وهكذا القول في كل ما يقال إنه نزل بسبب كذا وكذا.
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٥٧٩
قوله تعالى :﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ﴾ في " هل " هذه وجهان :
أحدهما : أنها على بابها من الاستفهام المحض، أي : هو ممن يسال لغرابته أأتى عليه حين من الدهر لم يكن كذا فإنه يكون الجواب : أتى عليه ذلك وهو بالحال المذكورة.
كذا قاله أبو حيان.
وقال مكي في تقرير كونها على بابها من الاستفهام : والأحسن أن تكون على بابها للاستفهام الذي معناه التقرير وإنما هو تقرير لمن أنكر البعث فلا بد أن يقول : نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه، فيقال له : من أحدثه بعد أن لم يكن وكونه بعد عدمه، كيف يمتنع عليه بعثه، وإحياؤه بعد موته، وهو معنى قوله :﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ [الواقعة : ٦٢] أي : فلا تذكرون، فتعلمون أن من أنشأ شيئاً بعد أن لم يكن قادراً على إعادته بعد موته وعدمه انتهى.
فقد جعلها لاستفهام التقرير لا للاستفهام المحض، وهذا هو الذي يجب أن يكون ؛ لأن الاستفهام لا يرد من الباري - تعالى - على هذا النحو وما أشبهه.
والثاني : قال الكسائي والفراء وأبو عبيدة وحكي أيضاً عن سيبويه : أنها بمعنى " قد " قال الفرَّاء :" هل " تكون جحداً وتكون خبراً، فهذا من الخبر ؛ لأنك تقول : هل أعطيتك ؟ تقرره : بأنك أعطيته، والجحد أن تقول : هل يقدر أحد على مثل هذا ؟.
وقال الزمخشري :" هل " بمعنى " قد " في الاستفهام خاصة، والأصل :" أهل " ؛ بدليل قوله :[البسيط] ٥٠١٩ - سَائِلْ فَوَارِسَ يَرْبُوعٍ لِشدَّتِنَا
أهَلْ رَأوَنَا بوَادِي القِفِّ ذِي الأكَمْ ؟


الصفحة التالية
Icon